recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

مخاطر استباحة المال العام "الجزء الثالث"

 



مخاطر استباحة المال العام "الجزء الثالث"

إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث عن مخاطر استباحة المال العام، فليعتبر من هم اليوم في مناصب ووجاهات بمن سبق، قبل أن يعتبر بهم من بعدهم، وقولوا لمن يقبل الهدايا أو الرشاوى في عمله وهو يظن أن لم يره أحد، قولوا له إن لم يرك البشر فإن رب البشر يراك، وإن لم تتب من عملك المشين ذاك فستفضح على رؤوس الخلائق من لدن آدم عليه السلام إلى آخر ما خلق الديّان، فمن أخذ ظرفا فيه مبلغ من المال أتى به يحمله على عنقه، ومن أخذ سيارة يأتي بها على عنقه، ومن أخذ أرضا يأتي بها على عنقه، وهكذا، فمستقل ومستكثر، ولا شك أن الإسلام قد أكد على حرمة الأموال وقرنها بحرمة الدماء، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم فى خطبة حجة الوداع.


" أيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، اللهم بلغت اللهم فاشهد" وقال صلى الله عليه وسلم "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" وقال صلى الله عليه وسلم "إن أناسا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" ويقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا" أتدرون ما الغلول؟ وما مصيبة الغلول؟ فإن الغلول ولو لشيء يسير، قد يذهب بالحسنات العظام، بل حتى بالجهاد في سبيل الله. 


فقولوا لمن يستخدم الأموال العامة في قضاء مصالحه الخاصة اتقى الله، فإنه لا يجوز لك، فإن هناك طائفة من الموظفين إذا أراد أن يتكلم في الهاتف لغرضه الخاص ويكون الاتصال على الهاتف فإنه يضع هاتفه جانبا ويستخدم هاتف المصلحة التي هو فيها حتى يحمل التكلفة على المصلحة ولا يتحملها هو، ومنهم من يستخدم السيارة التي أعطيت له من قبل العمل لقضاء مصالح العمل في قضاء مصالحه الخاصة، أو يستخدم موظفا يأخذ راتبه من قبل جهة العمل لقضاء حاجاته الخاصة، فيستخدم سائق المصلحة على سبيل المثال، في توصيل الأولاد إلى المدارس والعودة بهم، أو في شراء احتياجات البيت من السوق، أو في تسديد الفواتير، وهكذا، فأقول له هذا موظف. 


يأخذ مرتبه من مال المسلمين، أو من المؤسسة التي يعمل بها، لا لخدمتك خاصة، وإنما لخدمة المصلحة عامة، فبأي حق حولت خدماته لك بشكل خاص؟ هل هذا هو ردك لجميل من وثق بك وبأمانتك ووضعك في هذا المكان؟ وأقول له استمع لتطبيق السلف لمبدأ الورع عن المال العام، فهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز جاءه أحد الولاة وأخذ يحدثه عن أمور المسلمين، وكان الوقت ليلا وكانوا يستضيئون بشمعة بينهما، فلما انتهى الوالي من الحديث عن أمور المسلمين وبدأ يسأل عمر عن أحواله قال له عمر انتظر، فأطفأ الشمعة وقال له الآن اسأل ما بدا لك، فتعجب الوالي وقال يا أمير المؤمنين، لم أطفأت الشمعة؟ فقال عمر كنت تسألني عن أحوال المسلمين. 


وكنت أستضيء بنورهم، وأما الآن فتسألني عن حالي فكيف أخبرك عنه على ضوء من مال المسلمين؟ وقيل أنهم جاؤوا له بزكاة المسك فوضع يده على أنفه حتى لا يشتم رائحته ورعا عن المال العام، فقالوا يا أمير المؤمنين إنما هي رائحة، فقال وهل يُستفاد منه إلا برائحته؟ الله أكبر، فأين من نظر للمال العام بأنه غنيمة باردة فأخذ ينهب منها بغير حساب؟ فإن سرقة المال العام أو الاعتداء عليه أشد حرمة وجرما من المال الخاص، لأن المال العام تتعلق به حقوق كثيرة، فهو ملك للمجتمع بجميع أفراده، وكلهم متعلقون به، فيقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة آل عمران " ومن يغلل يأتى بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"

مخاطر استباحة المال العام "الجزء الثالث"

google-playkhamsatmostaqltradent