recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الواقع المر ... تداعيات تحصدها الأجيال ...!!!

الصفحة الرئيسية



 الواقع المر ... تداعيات تحصدها الأجيال ...!!!

بقلم
ا د / عصام محمد عبد القادر سيد
أستاذ المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بالقاهرة – جامعة الأزهر

يشكل الجانب الوجداني أهمية كبرى في حياة البشر؛ فيصعب أن يعيش الإنسان سعيداً بتجاهل هذا الجانب لديه، فقد يفقد رونق الحياة وجمالها دون مبالغة إذا ما اخفق في تلبية احتياجات الوجدان؛ لذا يسعى بقوة مفرطة نحو إشباعه بسبل عديدة

وإحدى هذه السبل استخدامه للتقنية الرقمية، والتي اعتمد في تصميمها على تلبية الاحتياجات الوجدانية المتباينة لمستخدميها

وهذا ما ساعد على ذيوعها وانتشار أدواتها وتنوع استخداماتها؛ لتشمل السلم العمري لبني البشر، ويعد ذلك سلاحا ذو حدين، أحدهما تفرزه الفوائد التي يصعب حصرها وفق التوظيف الهادف لها، والثاني الاستحواذ على ما تبقى من وجدان؛ نتيجة لغياب الممارسات الإنسانية اللامتناهية من حب وإيثار وصدق ودفء للمشاعر وحنان واحتواء ووفاء وعطاء وصفاء ونقاء وسمو وتمنى وطموح وأمل

وبات تعزيز التقنية الزائف ينسج خيوطه ويطور من أنماطه؛ ليضمن الشمول لبني البشر وفق تبايناتهم صعبة المنال، وماهية الزيف التقني تتضح جلياً لمن يفقه، وبرغم ذلك لها الغلبة على أرض المعركة بين مفردات حياة يكسوها الجمال، ممثلا في طبيعة خلابة تتجمع على المعمورة بأكملها، ويتخللها تفاعل بني البشر فيما بينهم لتستكمل المنظومة الجمالية الساحرة على الأرض وتحت سماء تسع جميع مخلوقات رب العالمين

ينبغى لنا أن نستيقظ مما نحن فيه من هيام وعشق لأدوات التقنية، وأن نكتفي بتوظيفها لرفاهية ومتطلبات المعيشة دون استغراق يؤدي لملء مزيف وإشباع موهوم لوجدانياتنا التي بين جنباتنا وتحملها أنفسنا الراقية الطاهرة السامية

نريد عوداً حميداً لحياة الأسرة الصغيرة والعائلة الكبيرة والبلدة الآمنة التي تتخللها المودة والمحبة والترابط الوجداني السامي، بعيداً عن كل منفعة فردية ومصلحة شخصية

نرغب في إيقاظ مشاعر الحب والأخوة والصداقة النقية التي باتت نادرة في زمن المصالح، ونتطلع لخروج آمن من براثن الخداع والغدر والخيانة التقنية المتعددة الصور والأشكال، لا مجال للمراوغة ولا مهرب من المراجعة؛ فنحن ندعي أن صلاح المجتمع مرهون بإصلاح التعليم...

فكيف يتحقق دون ملء للجانب الوجداني لدى من نربيه ونعلمه كيف يتعلم؛ ليكتسب خبرات الحياة ويكون فردا صالحا فيها...

ما أكثر أصحاب المعرفة والمهارة الذين لا ولاء لهم، وتحكمهم المادية التي تنهار على أيديها المجتمعات دون مبالغة

نتيجة لغياب مفردات الوجدان وما يتضمنه من منظومة الخلق والقيم البشرية الفطرية الراقية التي اوجدها رب العزة في كينونة بني البشر دون غيرهم

إننا في احتياج لتصميم أنشطة تعليمية مقصودة تلبي وتشبع وجدان من نربي بالمؤسسة التعليمية وخارجها؛ كي نربي جيل يحمل راية النهضة الحقيقية التي نصبوا إليها، ونتطلع لمجتمع راقي وسامي في اخلاقياته وما يمتلكه من قيم نبيلة باتت نادرة في زمن الرقمنة .... امتناني

الواقع المر ... تداعيات تحصدها الأجيال ...!!!


google-playkhamsatmostaqltradent