recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

خطبة عيد الأضحى " الثالثة " إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 خطبة عيد الأضحى  " الثالثة " 

خطبة عيد الأضحى  " الثالثة "   إعداد / محمـــد الدكـــرورى



إعداد / محمـــد الدكـــرورى


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد إن عيد الأضحى ارتبط بفريضة الحج، وهو موسم يُختم بالذكر والتكبير، وهى ذكريات تتجدد عبر الزمان والمكان، وتحياها الأجيال جيلا بعد جيل، فتتعمق إيمانا، وتتألق يقينا، وتزداد صفاء ولمعانا، عشرة أيام، كل يوم بليلته يهب على قلبك المكدود يضخ فيه الدماء، وينبت فيه الحياء، ويجدد فيه الروح، ويزيد فيه الإيمان، كل يوم بليلته يناديك، يا باغى الشر أقصر، ويا باغي الخير أقبل، يا نفوس الصالحين افرحي، ويا قلوب المتقين امرحي، يا عشّاق الجنة تأهبوا، ويا عباد الرحمن ارغبوا، ارغبوا في طاعة الله، وفي حب الله، وفي جنة الله.


إن عيد الأضحى يوم التضحية والفداء، يوم الفرح والصفاء، يوم المكافأة من رب السماء للنبيين الكريمين إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعطاء، أراد الأعداء بإبراهيم سوءا، لكن الله لطمهم وأبعدهم، وجعلهم من الأسفلين، كما يجعل كل أعداء الدين إلى يوم الدين، أما الخليل إبراهيم عليه السلام فله شأن آخر، وطريق آخر، وهدف آخر فيقول تعالى "وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين" رجاء مشروع، يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض، وبِناء التوحيد، فيقول تعالى "رب هب لى من الصالحين" ودعاء المخلصين مسموع ومجاب في التو واللحظة، فقال تعالى "فبشرناه بغلام حليم" وطريق الأنبياء هكذا، والتابعين من الموحدين هكذا، فالسماء تتعاون مع المُصلحين، مع الموحدين. 


مع المُخلصين، العاملين للدين، تمهد طريقهم، وتذلل عقباتهم، تجبر كسرهم، وتحقق رغباتهم، وتنصر أهدافهم، فالخليل إبراهيم عليه السلام يُمتحن ليُمنح، ويختبر ليعلو، ويُبتلى ليسمو، فيقول تعالى"فلما بلغ معه السعى" فبدأ يمشي، وهنا أعظم مرحلة الحب من الوالد لولده، لكن الله أراد إخلاص قلبه، وتمحيص فؤاده، واصطفاء نفسه، واجتباء وجهته فيقول تعالى فى سورة الصافات " فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذى ترى قال يا أبتى افعل ما تؤمر سبجدنى إن شاء الله من الصابرين" فهى رُؤيا فيها ذبح الابن طاعة لله، ويُبلغ الابن من الوالد ذاته يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذى ترى ليعي دعاة اليوم وعلماء التربية. 


هذا الأسلوب الرائع، من الحب المتبادل، والأدب المتبادل، في أحلك الظروف، وأشد المحن، وأصعب المواقف، فيرد الغلام بالمستوى نفسه من الشجاعة والإخلاص، من التضحية والفداء، من الأدب الرفيع، والذوق العالي، وتقديم المشيئة لأن الموقف موقف فتنة، ولا ينتصر عليها المرء، ولا يخرج منها المبتلى إلا بإذن الله، وعون الله، وفضل اللهعز وجل " قال يا أبتى افعل ما تؤمر سبجدنى إن شاء الله من الصابرين" وجاءت لحظة الحسم "فلما أسلما وتله للجبين" فكان الاستسلام من النبيين لأمر الله، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بالمستوى نفسه، والأداء ذاته " أسلما " وهنا تدخلت السماء، الله شهد الموقف، وصدق عليه، فنادى وجازى فقال تعالى .


" وناديناه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزى المحسنين" إنه امتحان ما أشده، واختبار ما أصعبه، وابتلاء ما أعظمه، فيقول تعالى "إن هذا لهو البلاء المبين" لكن إبراهيم عليه السلام اجتازه بامتياز مع مراتب الشرف، بتوفيق الله له مع منازل الإخلاص، وبعون الله له مع مقامات اليقين، فكان الفداء من السماء في يوم الفداء، فقال تعالى "وفديناه بذبح عظيم" ليعلو ذكر آل إبراهيم في العالمين، فيقول تعالى "وتركنا عليه فى الآخرين، سلام على إبراهيم" فطوبى للذين صاموا وقاموا، طوبى للذين ضحّوا وأعطوا، طوبى للذين كانوا مستغفرين بالأسحار، منفقين بالليل والنهار، ما أعظم هذا الدين وما أجمل هذا الإسلام، يدعو الله  تعالى عباده لزيارة بيته الحرام، الذي جعله مثابة للناس وأمنا ليجمعوا أمرهم، وليوحدوا صفهم، ويشحذوا هممهم، وليقضوا تفثهم، وليطوّفوا بالبيت العتيق.

google-playkhamsatmostaqltradent