هل يمكن لتقنية Daisugi اليابانية أن تنقذ الغابات والكوكب بأكمله؟
الخسائر الناجمة عن قطع الأشجار
تغطي الغابات أكثر من 30% من مساحة سطح الأرض، وهي مورد طبيعي مهم للكوكب وللبشرية؛ حيث تساعد على تخزين كميات هائلة من الكربون، وتضمن توازن الطبيعة، وتعمل على تنقية المياه والهواء، فضلًا عن توفير سبل العيش للناس في جميع أنحاء العالم.
وبسبب صناعة قطع الأشجار العالمية والمتنامية باستمرار، تختفي غابات بحجم 30 ملعبًا لكرة القدم كل دقيقة. ووفقًا للتقديرات، بلغت قيمة صناعة قطع الأشجار العالمية 509.8 مليارات دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقع أنَّ تصل إلى 544.2 مليار دولار أمريكي في عام 2023.
علاوة على ذلك، انخفضت مساحة الغابات الأولية على مستوى العالم منذ عام 1990 بأكثر من 80 مليون هكتار؛ مما يعني أنَّ صافي الخسارة في مساحة الغابات انخفض من 7.8 ملايين هكتار سنويًّا في التسعينيات إلى 4.7 ملايين هكتار سنويًّا خلال الفترة 2010-2020. وعلى الرغم من الانخفاض فإنها مساحة كبيرة، وعليه اذا استمر الأمر فسيختفي التنوع البيولوجي الذي تساعد الغابات في الحفاظ عليه.
اليابان تكشف تقنية مبتكرة للحد من قطع الغابات
منذ القرن الخامس عشر، عانت اليابان من نقص في الشتلات والأراضي اللازمة لزراعة الأشجار في وقت كان فيه الطلب على "خشب الأرز كيتاياما" (Kitayama cedar) -وهو نوع من الأخشاب المستقيمة والخالية من العقد- مرتفعًا. وذلك نظرًا لوجود القليل من الأراضي المنبسطة في البلاد، وبالتالي يصبح من الصعب للغاية زراعة الأشجار والحفاظ عليها على المنحدرات الشديدة.
أدت هذه المشكلة إلى تطوير تقنية بستنة أصلية ظهرت لأول مرة في مدينة "كيوتو" وتُسمى (Daisugi Technique)، بهدف توفير نهج فعَّال ومستدام للغابات؛ مما يفسح المجال أمام أصحاب الأشجار -الذين يتخصصون في رعاية الأشجار الفردية- لإنتاج خشب أكثر كثافة نسبيًّا.
جدير بالذكر، أنَّ تقنية (Daisugi) تعني حرفيًّا "أرز المنصة" (platform cedar)، وهي تقنية تستخدم الأشجار الموجودة لزراعة أشجار إضافية. وتبدو هذه التقنية وكأنها نخلة مفتوحة بها العديد من الأشجار العمودية التي تنمو منها؛ مما ينتج عنه حصاد مستدام من الأخشاب من شجرة واحدة.
هذا، ويقوم المزارعون بتقليم أغصان الأشجار لضمان نمو البراعم المتبقية بشكل مستقيم لأعلى، وينتج عن ذلك خشب مستدير ومستقيم يُعرف باسم "تاروكي" (taruki)، ويُستخدم بشكل أساسي في بناء أسطح المقاهي اليابانية. ويتم تقليم البراعم يدويًّا بعناية ورفق كل عامين، مع ترك الأغصان العلوية فقط، مما يسمح لها بالنمو بشكل مستقيم.
النتيجة النهائية لهذه التقنية هي إنتاج خشب أرز رفيع، ومرن، وكثيف كذلك، وهو ما يجعله خيارًا مثاليًّا للأسطح والعوارض الخشبية التقليدية. ويتم الحصاد كل 20 عامًا مع بقاء الشجرة الأساسية لمئات السنين، وهناك الكثير من الأخشاب التي يمكن حصادها من شجرة واحدة فقط. وهذا يجعلها طريقة أسرع عند مقارنتها بالطرق الأخرى للمساعدة في إنقاذ الغابات العالمية وكوكب الأرض بأكمله.
باستخدام تقنية (Daisugi)، لا يتم حصاد الشجرة بأكملها من أجل الخشب؛ حيث يمكن لقاطعي الأشجار استخدام الأجزاء العلوية مع الاستمرار في ترك القاعدة والهيكل في شكل واحد. ومن المفترض أن يكون الخشب الناتج عن هذه الطريقة مرنًا بنسبة 140% مثل خشب الأرز القياسي، كما يصبح كثيفًا وقويًّا بنسبة 200%، مما يجعله خيارًا مثاليًّا لاستخدامه في بناء العوارض الخشبية وخشب السقف، ويصبح مقاومًا للأعاصير حتى بعد مرور 600 عام.
ختامًا، تتيح هذه التقنية حصاد الأخشاب بسرعة أكبر، كما يمكن زرع البراعم للمساعدة في زيادة الأشجار بسرعة، وإذا تم تنفيذ هذه التقنية بالطريقة الصحيحة، فيمكن أن تساعد في التغلب على إزالة الغابات.
المصدر: مقتطفات تنموية- السنة الثالثة- العدد (12)