الأمين العام لمجمع الخالدين في احتفالية "دار العلوم "جامعة القاهرة ..اللغة العربية بحر لا ساحل له وانتقلت من القبيلة إلى العالمية
كتبت -فتحية حماد
جاءت كلمة الأستاذ الدكتور عبدالحميد مدكور في احتفالية كلية دار العلوم جامعة القاهرة باليوم العالمي للغة العربية برعاية الدكتور عثمان الخشت بحضور الدكتور مصطفي الفقي المفكر السياسي والدكتورة صبورة السيد عضو لجنة التعليم بمجلس النواب والدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة استهل الدكتور مدكور حديثه بحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين و الآخرين وعلى أله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين قائلا يا أيها الأساتذة الكرام على المنصة ويا أيها الأساتذة والزملاء ومن بين الحاضرين أساتذة لي أحييكم جميعا ونحيي أبنائنا وطلابنا وطالباتنا ونعتبر هذا اليوم يوما مجيدا في تاريخ اللغة العربية وفي تاريخ الذين يحضرون إليكم في هذه المناسبة الكريمة ثم قدم الشكر للدكتور أحمد بلبولة عميد الكلية الذي دعاه ليكون على المنصة متحدثا إلى الحضور وقد قال الدكتور محمد فتحي مقدم الاحتفالية الذي قال بأنه شرف به قسم الفلسفة وأنا أشرف بأن أكون تليمذا بهذه الكلية وأن أتدرج في مواقعها لكن مهما بلغ الأمر فنحن كما قالت الشاعرة شريفة السيد التي قدمت قصيدتها نتحرك شوقا إليها واعتزازا بها ونلمس جدرانها لا سيما اجتمعت القلوب على الخير فيها وأصبح الناس يحملون ذنبها في قلوبهم ويجعلون رفعتها هدفا من أهدافهم وغاية من غاياتهم كما نشاهد الان هذا العصر الذي يسعد بوجود هذا الرجل في هذا الموقع السيد الدكتور أحمد بلبولة والسيد الدكتور مصطفى الفقي والأستاذة الدكتورة صبورة السيد أما اللغة العربية فهي تاريخ عريق وتراث مجيد وابداع شامل وخصوصية فردية ثقافية وهوية قومية عربية وانتماء إلى دين كريم عند المؤمنين به يرتقي إلى أن يكون عقيدة دينية وحتى الذين لا يؤمنون بهذا الدين ينتسبون إليها انتماء ثقافيا عربيا هو الذي يحرك الأفكار وتخرج به إلى الوجود ابداعات ومؤلفات ودراسات فاللغة العربية بحر لا ساحل له لا توجد لغة تضاهيها أو تقاربها في كثرة جذورها و دقة قواعدها وتقاليدها اللغوية وهي لغة نشأت في التاريخ نشأة عجيبة لا يعلم الناس كيف ارتقت إلى هذا المقام العلي لأن السوابق الأولى لها ليست مدونة وقد شهدها الناس شامخة يقال فيها الشعر في أبدع صوره وفي أجمل تراكيبه ولم يعرف الناس هذا التاريخ قبل الإسلام إلا أربعة قرون ولكنها كانت في أول النشأة مخصوصة في بيئة ثقافية محدودة هي الجزيرة العربية و لكنها تحت ظل الإسلام انتقلت إلى أن تكون لغة عالمية يكتبها العلماء بعقيدتهم والحكام بالمؤسسات التي أقاموها من أجلها ويذكر لنا المؤرخون للفتوحات الإسلامية أن أي بلد كان يفتح كان يقام فيه مسجد ويتحول المسجد إلى جامعة أو مدرسة يلم فيها العربية حتى نطق أهل الشعوب الذين تركوا لغتهم وتركوا كلماتهم إلى هذه اللغة الشريفة لغة القرآن الكريم يكتبون بها ويؤلفون بها حتى في علوم اللغة العربية وفي علوم الحديث الشريف وفي علوم التفسير للقرآن الكريم وفي علوم البلاغة والنقد والأدب والشعر والنثر وسائر ما أبدعته المكتبة العربية والإسلامية وتحولت من كونها لغة قباىل إلى أن تكون لغة العالم تقريبا أو أكثر من نصف العالم المعروف آنذاك حينما وصلت تحت ظل القوة العربية التي فتحت الدنيا وأصبحت اللغة التي يتحدث بها جميع الناس وتكتب بها الوثائق وتدون بها الدواوين وتوضع بها القوانين ويتعلم الناس أحكام الله عز وجل بها فهي اللغة الوحيدة في العالم التي لا نستطيع أن نعرف مراد الله بالعباد إلا بها هي اللغة التي بها القرآن العظبم وسنة النبي الكريم وسنة والأئمة الأولين في سائر ما أبدعته العقول العربية والإسلامية التي ارتضت هذا الدين بقلبها وعقلها وجعلت كلماتها على لسانها وألفت بذلك في سائر العلوم فانتقلت اللغة من كونها لغة قبيلة إلى أن تكون لغة عالمية ثم ارتقت مرة أخرى بعد القرآن لما ترجمت إليها من تراث الأوائل في تراث الهند والفرس والسريان واليونان واللاتيني وسائر الشعوب نقل هذا التراث إلى اللغة العربية فأصبحت اللغة العربية تحتوي على تراث العالم كله وأصبحت تنادي السريان والهند والفرس واليونان باللغة العربية وزاد هذه اللغة العالمية قيمتها أن بعض الأصول في تراث الأمم الأخرى ضاعت ولكن بقيت ترجمتها إلى اللغة العربية فلم تعرف الشعوب نفسها في تاريخها الطبيعي ثراثا لها إلا عن طريق اللغة العربية فهذا هو الذي يجعل لها صفة العالمية ثم انتقلت مرحلة أخرى إلى أن تكون لغة العلم في العالم كله مدة لا تقل عن خمسة قرون وزادها بعض المنصفين بأن قالوا ثمانية قرون وعلموا العلم كله بأدبه وفلسفته وتاريخه والعلوم العلمية الطبيعية كالطب والهندسة وسائر العلوم الرياضية والجمع التي عرفها الإنسان كتبت كلها باللغة العربية ثم انتقل بعد ذلك إلى أوروبا وترجم إلى اللغة اللاتينية ودرست بعض علومه باللغة العربية قرونا عديدة في عواصم أوروبا الآن التي تعلمت بها وأبدعت بها ووجدت تعلمها شرطا لإبداعا في لغاتها والذين ارتقوا العلم الأكبر هناك اعترفوا بأنهم لم يصلوا لهذا المقام وهذا المكان وهذه المكانة إلا بعد أن تعلموا اللغة العربية فهي لغة عالمية في تاريخها منذ نزل القرآن بها وإلى عصرنا الحاضر فهي الظهير الأكبر في البلاد الإسلامية التي تجعل اللغة العربية لغتها الثانية وأحيانا تقدمها على لغتها وأحيانا لا يستطيعون أن يؤدوا العبادات لله عز وجل إلا بألفاظ من ألفاظها ونصوص من نصوصها ولا يستطيعون أن يتحولوا إلى مجتهدين إلا إذا تعلموها فهي حاضرة في العالم الإسلامي الذي يزيد عدد الذين ينتسبون إليه إلى أكثر من مليار وستمائة مليون ثم نشهد في عصرنا هذا حتى وإن أهملها العرب الذين لا ينتمون إلى مستوى الشرف الأكبر الذي شرفهم الله عندما أنزل كتابه الكريم بلغتهم الآن العالم كله لأسباب اقتصادية وتجارية وسياحية وثقافية يتعلم اللغة العربية التي توجد أقسامها في أكثر الجامعات في العالم يهتمون بها ماضيا وحاضرا وتراثا ووجودا واقتصادا وعقيدة وثقافة وسياسة أود أن أقول في نهاية هذا الكلام فهي حاضرة في العالم كله ومن ثم تتحقق لها العالمية التي لا تنافسها فيها لغة من لغات العالم حتى اللغات الإنجليزية والصينية التي تأتي في المقدمة وفي الترتيب العالمي تأتي اللغة العربية الرابعة ولكن إذا نظرنا إلى الظهير العربي والظهير الإسلامي نجد أن اللغة العربية من السابقات الأوليات في هذا العالم الذي نعيش فيه الآن وقال إن الاحتفال باللغة العربية لا يصح أن يكون يوميا واحدا فقط والكليات التي تعمل باللغة العربية تحتفل بها كل يوم ولكننا نريد أن ينتقل هذا الاحتفال بأن يكون كلاما بلسانها وتفكيرا بأفكارها وتعبيرا بجملة ما يأتي فيها حتى تتحول الى لغة حية بمحيطها الحيوي الذي تعيش فيه لا تعيش عيشة الغربة التي تفرض عليها من لغات أخرى تنافسها وتزاحمها بل وتنحيها عن مكانها التي يجب أن يكون فيه وطالب النائبة الدكتورة صبورة السيد بأن تسعى لتمكين اللغة العربية ليكون الإعلام متحدثا بها والمؤسسات تخاطب أبنائها بها فلا يصح أن أذهب إلى البنك ليعطيني صورة بحسابي بلغة أجنبية ولا يصح أن تعطيني شركات الطيران تذكرة بلغة أجنبية لأن اللغة حق من حقوق الإنسان ومن حقوقنا الإنسانية أن يتكلم مجتمعنا بلغتنا العربية وقد قدم مجمع اللغة العربية قانونا لحماية اللغة العربية منذ خمس سنوات ولكنه لا يزال حتى الآن ينتظر أن تمتد إليه يد كريمة ليتحول من مشروع قانون إلى قانون والذي يبذل في هذا الأمر أدنى جهد سيكون له عند الله ثواب كبير لأنه يسعى إلى نصرة هذه اللغة الشريفة ونرجو لها ولكلية دار العلوم ولكل من يعنى بهذه اللغة الشريفة خير المقام وخير الجزاء من الله عز وجل .
وفي نهاية الاحتفالية قام الدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم بتكريم الدكتور مدكور وتسليمه درع الكلية




