طاقة المجتمع: محاولة جديدة لمواجهة ارتفاع فواتير الطاقة في أوروبا
طاقة المجتمع: تعريفها وأهميتها:
أحد أكبر مخاوف المواطنين الأوروبيين في الوقت الحالي هو كيفية دفع فواتير الطاقة الخاصة بهم. ففي المملكة المتحدة، ارتفعت التكاليف بنسبة 215% خلال عام 2021، بينما بلغ متوسط الزيادة في "الاتحاد الأوروبي" 41%، وبالتالي من الواضح أن سكان المملكة المتحدة يعانون أكثر من غيرهم.
وفي هذا الصدد، هناك العديد من الطرق لخفض تكاليف الفواتير باستخدام طاقة أقل. لكن هناك طريقة أكثر راديكالية، وهي تبني "طاقة المجتمع" (Community Energy) والتي توفر المال وتعطي شعورًا مرضيًّا بالاكتفاء الذاتي.
طاقة المجتمع هي نظام ينتج فيه المواطنون الطاقة المتجددة الخاصة بهم، ويتقاسمون عائدات الطاقة والمال بين المجتمع. وهذا الأمر يُعد أقل تعقيدًا من الحلول التي تود شركات النفط والغاز الكبرى أن تفكر فيها.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم المجتمع، من أي حجم، بتأسيس "جمعية تعاونية" (Cooperative)، والتي تُعد بمثابة نموذج عمل؛ حيث يمتلك الأعضاء الجمعية التعاونية بشكل مشترك، بدلًا من النموذج الرأسمالي للمالكين والمساهمين.
تقوم الجمعية التعاونية الجديدة بتثبيت نظام للطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، وتأتي الأرباح من الطاقة الناتجة، ويمكن لجميع الأعضاء بعد ذلك شراء الطاقة والحصول على حصة من الأرباح، ويقررون بشكل جماعي مكان الاستثمار وكيفية تحديد الأسعار.
هذا، ويشارك مليون مواطن أوروبي في إنتاج طاقتهم الخاصة، سواء كأعضاء أو مستثمرين أو عملاء، وبحلول عام 2050، يمكن أن يرتفع ذلك إلى 260 مليون شخص ويمكن أن تولد طاقة المجتمع ما يصل إلى 45% من الكهرباء في أوروبا، وإلى جانب إضفاء الطابع الديمقراطي على إنتاج الطاقة، غالبًا ما تخلق مشروعات الطاقة المجتمعية وظائف خضراء محليًّا.
طاقة المجتمع هي حل محلي لمشكلة عالمية:
تمتد فوائد طاقة المجتمع إلى ما هو أبعد من المنطقة المحلية؛ حيث يعد التحول عن الوقود الأحفوري جزءًا أساسيًّا من مكافحة أزمة المناخ.
هذا، وتطلق شركة "باتاغونيا" (Patagonia) الأمريكية للملابس الخارجية على طاقة المجتمع "حلًا حاسمًا للمناخ"، وقد مولوا بشكل مباشر مشروعات في جميع أنحاء أوروبا، وشجعوا المواطنين على البدء أكثر من خلال فيلمهم الوثائقي القصير "نحن القوة" (We The Power) وهو مجاني للمشاهدة ويمكن عرضه بدون إذن.
في السياق ذاته، تستخدم الشركة الكثير من الطاقة في متاجرها ومكاتبها، وتأتي غالبية الطاقة التي يستخدمونها من تعريفات الطاقة المتجددة وبعضها تم شراؤها مباشرة من مزودي الطاقة المجتمعية في إيطاليا وألمانيا وأيرلندا وفرنسا، وتنوه الشركة بضرورة تغيير النموذج السائد لشركات الطاقة الكبرى فيما يتعلق بإنتاج الوقود الأحفوري من أجل وصول أوروبا إلى صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050.
ختامًا، يتطلب إشراك المواطنين في "طاقة المجتمع" تحولًا في العقلية، فعندما يستهلك الأفراد الكهرباء، لا يفكر معظمهم أبدًا في مصدرها، فهم فقط يدفعون الفاتورة في نهاية الشهر، ويتركون باقي الأمر لشركات الطاقة العملاقة.
المصدر: مقتطفات تنموية، السنة الثالثة، العدد (32)