كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام القمة العربية غير العادية
كتب - يوسف جلال
السلام القائم على الحق والعدل الذي يحمي المقدرات، ويصـون الأرض ويحفــظ السـيادة، ولعل هذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر عام ١٩٧٩، وألزمت كل طرف باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه، وبما يفرض التزامًا قانونيًا بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم، كونه يمثل انتهاكًا للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة.
ومن منطلق حرصها على الأمن والاستقرار الإقليميين، سعت مصر منذ اليوم الأول للحرب على غزة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار بالتعاون مع الأشقاء في قطر، والأصدقاء في الولايات المتحدة، وما كان ذلك ليتحقق من دون الجهود المقدرة للرئيس دونالد ترامب وإدارته، والتي نأمل أن تستمر وتتواصل، بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار في غزة، واستمرار التهدئة بين الجانبين، وبعث الأمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، من أجل سلام دائم في المنطقة بين جميع الشعوب.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، عملت مصر كذلك بالتعاون مع الأشقاء في فلسطين على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين توكل إليها إدارة قطاع غزة انطلاقًا من خبرات أعضائها بحيث تكون تلك اللجنة مسئولة عن الإشراف على عملية الإغاثة، وإدارة شئون القطاع لفترة مؤقتة، وذلك تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
كما تعكف مصر على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية التي يتعين أن تتولى مهام حفظ الأمن داخل القطاع خلال المرحلة المقبلة، وعملت مصر بالتعاون مع دولة فلسطين الشقيقة والمؤسسات الدولية على بلورة خطة شاملة متكاملة، لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير للفلسطينيين، تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولًا لعملية إعادة بناء القطاع.
وتدعو مصر إلى اعتماد هذه الخطة في قمتنا اليوم، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لها، فهي خطة تحفظ للشعب الفلسطيني حقه في إعادة بناء وطنه، وتضمن بقاءه على أرضه، وأؤكد أن هذه الخطة يجب أن تشهد على التوازي مسار خطة للسلام من الناحيتين السياسية والأمنية تشارك فيها دول المنطقة، وبدعم من المجتمع الدولي، وتهدف إلى تسوية عادلة وشاملة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
ومن هذا المنبر أدعو كافة الدول الحرة والصديقة، للإسهام في هذا المسار، والمشاركة بفاعلية في مؤتمر إعادة الإعمار الذي سوف تستضيفه مصر الشهر القادم، فلنجعل جميعًا من توجيه الدعم إلى الصندوق المزمع إنشاؤه لهذا الغرض غاية سامية، وواجبًا إنسانيًا، وحقا لكل طفل فلسطيني، ولكل عائلة فلسطينية في العيش في بيئة آمنة حضارية مثل باقي شعوب العالم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، في خضم الأحداث المتلاحقة يتعين علينا جميعًا إعلاء رفضنا القاطع، وإدانتنا للاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الاقتحامات العسكرية لمدن ومخيمات الضفة المحتلة، والأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي.
وفي هذا السياق، نرفض مجددًا بشدة ونحذر من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى، والانتهاك المتعمد لحرمته، والمساس بالوضع القائم به، ونقولها بكل وضوح: "إن القدس ليست مجرد مدينة.. بل هي رمز لهويتنا وقضيتنا"، وإن الحديث عن التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط، دون تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو لغو غير قابل للتحقق؛ فلن يكون هناك سلام حقيقي دون إقامة الدولة الفلسطينية.
ودعوني أؤكد: "أن السلام لن يتأتى بالقوة.. ولا يمكن فرضه عنوة"، لابد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية مع توفير كافة الضمانات اللازمة في الوقت ذاته لحفظ أمن إسرائيل، ما نشهده من تكرار لحلقات العنف المفرغة، واستمرار لمعاناة الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من سبعة عقود؛ يوجب علينا النظر بعين موضوعية نحو الواقع والتعاطي مع الحقائق.
ويحتم علينا أن نتحد جميعًا، للتوصل إلى السلام الدائم المنشود، وبالتالي الاستقرار والرخاء الاقتصادي، والتعايش الطبيعي فيما بين شعوب المنطقة، ولننظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية عام ١٩٧٩، كنموذج يحتذى به، لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة في الانتقام إلى سلام دائم، وعلاقات دبلوماسية متبادلة.
لقد آن الأوان لتبني إطلاق مسار سياسي جاد وفعال يفضي إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ولدي يقين بأن الرئيس "ترامب" قادر على القيام بذلك في ظل رغبتنا الصادقة في وضع نهاية للتوترات والعداءات في منطقتنا، أشكركم لحسن الاستماع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(2)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(2)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1).jpg)
(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(2)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(2)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1).jpg)