طبائع النفوس PDF
بقلم: حسين الحانوتي
النفوس الخبيثة نفوس سيئة منحرفة لا تحب الخير لغيرها مهما تظاهر أصحابها بالود والاحترام، فتراها تتجمل بأخلاق ومجاملات مصطنعة وزائفة كوسيلة عبور للوصول إلى غاياتها وأهدافها السيئة ومصالحها الشخصية بطرق غير سوية.
وتتميز هذه النفوس المريضة نفسيا بحب الذات علي ضرر غيرهم ممن وثقوا بهم واغتروا بمعسول كلامهم وجمال هيئتهم وأخذوا بظاهرهم لحسن نواياهم وصدق مشاعرهم وفطرتهم السليمة التي فطر الله عليها جميع البشر بمختلف ألوانهم ومعتقداتهم وجنسياتهم كما قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة. ومن علامات خبث بعض النفوس البحث عن ضرر الغير وتشويه صورته كي يظل هو الناصح الأمين وصاحب اجمل صوره وافضل سلوك لمن يري ظاهره. وأيضا الحسد وتمني زوال النعمة عن الغير سواء كانت النعمة من الأموال او المنصب أو الأولاد أو الصحة أو حتى الملبس والمأكل أضف إلى ذلك عدم الاحترام للغير الذي يعد كذلك من السلوكيات الخاطئة التي تدل على سوء النية والتربية وخبث النفس وعدم احترام الذات إضافة إلى الحقد والكراهية والإعراض عن الحق وعدم الثبات على المبادئ والقيم والسير بين الناس بأكثر من وجه لذلك قال الله تعالى {واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}.
وقال صلى الله عليه وسلم «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» أي أن ذا الوجهين ذلك الشخص الذي يذم ويمدح الآخرين حسب مصلحته وكيفية انتفاعه لا غير. كذلك يعد اللؤم وعدم الحياء وحب الاستحواذ على حقوق الآخرين بدون حق عن طريق الكذب والتحايل والخداع من دلائل النفس الخبيثة الناكرة لكل معروف وجميل ولذلك قال أبو الطيب المتنبي "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا".
وفي الاتجاه الآخر يقابل هذه النفوس الخبيثة الناكرة لكل معروف وجميل النفوس الطيبة السمحة وقليل ما هي و التي ظلت وتظل على الفطرة والأصالة والأمانة والمبدأ الذي لا يتجزأ وحب الخير للجميع وسبب كل ذلك الإيمان والحياء والوازع الديني وحسن التربية والضمير الحي الذي يرفض كل خلق ذميم.
يبقى أن ندرك الحقيقة وهي أن الكمال لله وحده وما من بشر إلا يخطئ ويصيب فليس هناك ملائكة معصومون ولا شياطين ملعونون ولكن إذا غلب الجانب السلبي في الشخص الجانب الإيجابي فذلك معناه أن هذا الشخص سيئ ونفسه خبيثة أي مريض نفسي وجب التدخل لعلاجه والسيطرة علي مجمل أخطائه وتصحيح مساره الأخلاقي والعكس صحيح ومعرفة ذلك يكون من خلال الأقوال والأفعال فالأنفس الطيبة والقلوب السليمة لا تقبل أبدا النفوس الخبيثة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» أي أن الأرواح الخبيثة تتفق مع بعضها ولكن يستحيل أن تتآلف وتنسجم مع الأرواح الطيبة وهذه من الفطرة والغريزة في كل إنسان.
وكما يقال الحمام مع الحمام والغراب مع الغراب. وفي النهاية عافانا الله واياكم تبقى النفوس الخبيثة خبيثة ولو أعطيتهم من الود أطنانا وتظل النفوس النقيه نقية ولو أعطيتهم من الكره قنطارا ففطرتهم ومبدأهم من الثوابت.
