recent
أخبار ساخنة

حتى الطبيعة المصرية تحارب الاحتلال PDF

حتى الطبيعة المصرية تحارب الاحتلال PDF


حتى الطبيعة المصرية تحارب الاحتلال PDF


بقلم: حسن سليم

ليس بالضرورة أن تأتي رسائل السماء على هيئة زلازل أو أعاصير، أحيانًا تكفي إشارة صغيرة، كحيوان بري يبعث الرعب في قلوب جنودٍ مدججين بالسلاح، ليذكّرهم بأنهم غرباء على هذه الأرض، وأن الاحتلال – مهما حاول أن يفرض وجوده – سيظل هشًّا، يتهاوى أمام أدنى مواجهة غير محسوبة.  


واقعة هجوم "الوشق المصري" على جنود الاحتلال داخل قاعدتهم العسكرية لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل كانت رسالة أعمق من مجرد مواجهة بين حيوان مفترس وبشر يحملون البنادق، إنها رسالة من الطبيعة المصرية نفسها، بأن الخوف سيظل يطارد كل من جاء غازيًا، حتى لو كانت أرض مصر لا تقع تحت وطأة الاحتلال، فإن أبناءها، بل حتى كائناتها، يحملون في أرواحهم رفض الظلم، ويُطاردون المحتل أينما وُجد.  



منذ عقود، لا تزال الحدود المصرية الإسرائيلية تمثل نقطة قلق بالنسبة لإسرائيل، رغم كل الاتفاقيات والمعاهدات، فلا تزال ذاكرة التاريخ حاضرة في وعيهم، تُذكرهم بأن هذه الأرض لم ترحب بهم يومًا، ولن تفعل. الخوف الذي يسكنهم ليس مجرد خوف من جيش، بل من كل ما هو مصري، حتى الطبيعة ذاتها باتت تشكل تهديدًا لهم.  


عندما تسلل "الوشق المصري" إلى قاعدتهم العسكرية، وجدوا أنفسهم في مواجهة مع كائن من أبناء الصحراء المصرية، لم يأتِ برسالة دبلوماسية، بل بأنياب حادة ومخالب جاهزة، وكأنه يُخبرهم: أنتم لستم آمنين، لا هنا ولا هناك، لأنكم محتلون، والغريب لا يشعر بالأمان أبداً.  


ولطالما كانت الطبيعة المصرية جزءًا من قوة هذه الأرض، فمياهها، وسماؤها، وحتى حيواناتها، كانت شاهدة على حضارات صنعت التاريخ، وواجهت كل الغزاة الذين حاولوا فرض أنفسهم عليها. واليوم، يبدو أن هذه الطبيعة تواصل دورها، مُعلنةً أن الرفض لم يقتصر على البشر، بل امتد حتى إلى وحوش الصحراء، التي لم تقبل أن ترى جنود الاحتلال دون أن تهاجمهم.  


لم يكن الوشق يحمل سلاحًا، لكنه حمل في روحه ذات العزة التي سكنت المصريين عبر العصور، اندفع داخل القاعدة العسكرية بلا خوف، وهاجم الجنود بلا تردد، ومزّق أجسادهم وكأنه يُعيد كتابة قانون الطبيعة: أن الغزاة، حتى لو ظنوا أنهم استقروا، فإن الرعب سيظل يلاحقهم، من البشر، ومن الأرض، ومن كل كائن يتحرك تحت سمائها.  


لم تكن هذه المرة الأولى التي يُصاب فيها جنود الاحتلال بالرعب من شيء غير متوقع، فقد اعتادوا العيش تحت هاجس الخوف، منذ أن زرعوا وجودهم بالقوة في أرض ليست لهم، اعتادوا مطاردة الأشباح التي يخشون أن تكون متسللةً لتنفيذ عملية فدائية، لكنهم اليوم يواجهون واقعًا أشد إيلامًا وهو أن الرعب بات يأتيهم حتى من الطبيعة ذاتها. 


إن حادثة الوشق المصري تُعيد تذكيرهم بحقيقة لا يستطيعون الهروب منها، أن وجودهم في فلسطين ليس إلا وجودًا طارئًا، وأنهم رغم كل قوتهم العسكرية، يُدركون في أعماقهم أنهم محاصرون بالخوف، وأن الأرض نفسها لا تقبلهم، لا في فلسطين، ولا على حدود مصر، ولا في أي بقعة يحاولون فرض أنفسهم عليها.  


وإذا كانت رسائل السماء قد جاءت عبر القرون لتُعلّم الغزاة أن الظلم لا يدوم، فإن رسائل الطبيعة تُعيد التذكير بهذه الحقيقة بطرق غير متوقعة. ربما لم يكن جنود الاحتلال يتوقعون أن يُهاجمهم "وشق مصري"، لكن الحقيقة واحدة أنهم ليسوا آمنين، لأنهم محتلون، ولأن الأرض التي اغتصبوها، ستبقى ترفضهم بكل وسيلة ممكنة، حتى بمخالب حيوان بري.  


إنها رسالة رمزية، لكنها عميقة، بأن الاحتلال لا يكون فقط بالسلاح، بل إن الروح التي تسكن أرض مصر، قادرة على أن تخلق الرعب حتى في أكثر اللحظات التي يظن العدو فيها أنه آمن.  


وربما تكون هذه الحادثة قد أثارت سخرية البعض، لكنها في الحقيقة تعكس واقعًا لا يمكن إنكاره وهو أن إسرائيل، رغم كل ما تملكه من قوة، تعيش في خوف دائم، من كل شيء حولها.  


مصر، بتاريخها، بجيشها، بطبيعتها، وحتى بحيواناتها، تظل شوكة في حلق الاحتلال، تلاحقه أينما ذهب، وتذكّره في كل مرة يحاول فيها أن يشعر بالأمان، بأنه لا ينتمي إلى هذه الأرض، وأنه سيظل غريبًا، محاصرًا بالخوف، حتى يأتي اليوم الذي تزول فيه غربته إلى الأبد.


google-playkhamsatmostaqltradent