recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

بأي حال عدت يا عيد؟! PDF

 

بأي حال عدت يا عيد؟! PDF

بأي حال عدت يا عيد؟! PDF


بقلم: محمد الطويل

العيد مناسبة تحمل في طياتها معاني الفرح والسعادة لكنها في الوقت ذاته تعكس واقع المجتمعات بكل ما فيها من تفاوت في المشاعر والأحوال. يعيشه الأطفال ببراءة مطلقة لا تلوثها هموم الحياة فينتظرونه بثياب جديدة وعيدية تسعدهم وكأن الدنيا لا تحمل سوى ألوان الفرح والبهجة. الطفل لا يدرك حجم الظلم الدولي والإقليمي الذي يحيط به ولا يشغل باله سوى لحظته الجميلة التي يريد أن يعيشها بكل تفاصيلها.  


أما الكبار فيقفون عند مفترق الطرق بين مشاعر مختلطة تدفعهم إلى التساؤل هل يشاركون الفرحة كما ينبغي أم يظل الحزن مخيمًا على أرواحهم.. في قلوبهم شوق للعيد لكن واقعهم يجعلهم حائرين بين التفاعل معه والاستسلام لحزن يغزو نفوسهم كلما نظروا إلى حال أمتهم.  


شرع الله الأعياد لتكون مناسبة لإظهار العزة والقوة وليجتمع المسلمون على كلمة واحدة تعكس وحدتهم وترابطهم. حين يعلو التكبير ترتفع معه الأرواح وتتآلف القلوب فتتجلى معاني الأخوة والتسامح. الله أكبر ما دمنا متحدين، الله أكبر ما دمنا وسطيين معتدلين في فهم ديننا، الله أكبر ما دمنا نقدم حب الوطن والأرض فوق المصالح الدنيوية الضيقة. تظل الفرحة الحقيقية في اجتماع القلوب ونقاء النوايا وإدراك المعنى الحقيقي للعطاء والتكاتف.  


الفرح ليس مجرد احتفال بل هو انعكاس لنعم عظيمة تستوجب الشكر. أن تسعد بحفظ الله لبلادنا ووحدة أراضيها واتحاد أبنائها على كلمة سواء، أن تشعر بنعمة الأمن والاستقرار، أن تلتفت لما يواجه مجتمعاتنا من تحديات وتسعى لإصلاحها. من الضروري أن ندرك مدى خطورة الانحرافات الثقافية والفنية التي تبتعد عن هوية الأمة، وأن نعمل على إعادة الإعلام إلى مساره الصحيح ليكون منبرًا للبناء لا للهدم.  


ما أجمل أن تتجلى هذه الفرحة في صحن الأزهر الشريف حين يصدح مشايخه بآيات القرآن بمختلف القراءات.. صورة تعكس عظمة هذا الصرح الذي ظل منارة للعلم والدين على مر العصور. ليست هذه وحدها مصادر الفرح بل هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل والأمل فالعيد ليس مجرد يوم لكنه فرصة للتأمل في نعم الله وتجديد العزيمة لمواجهة الحياة بتفاؤل وإصرار.  


يجب ألا نحرم أسرنا من الفرحة حتى وإن كانت ناقصة، يجب أن نزرع الأمل في قلوبنا وأن نستبشر بفرج الله القريب. البشرى للمؤمنين بأن مع العسر يسرين، وأن ما وعد الله به آت لا محالة، وأن النصر وإن تأخر فهو قادم.  


فيا عيد بأي حال عدت علينا؟ عدت وقد تبدلت الأحوال وتغيرت الأيام لكن الأمل في الله لا يتغير، واليقين في وعده لا يتزعزع. فلنكن على يقين بأن الغد يحمل معه بشائر الخير، وأن الفرح الذي قد يكون ناقصًا اليوم سيكتمل غدًا بإذن الله حين نجتمع جميعًا على كلمة واحدة قوامها الحق والعدل والرحمة.


google-playkhamsatmostaqltradent