recent
أخبار ساخنة

رحيل الحاجة زبيدة أيقونة محو الأمية في مصر

 

رحيل الحاجة زبيدة أيقونة لمحو الأمية في مصر

رحيل الحاجة زبيدة أيقونة محو الأمية في مصر



كتب- حسن سليم

رحلت عن عالمنا اليوم الحاجة زبيدة عبد العال، المرأة التي تحدّت قيود الجهل والسن، لتصبح أيقونة محو الأمية في مصر، عن عمر ناهز 89 عامًا، تاركة خلفها إرثًا من الإلهام والتحدي لكل من يؤمن بأن طلب العلم لا يعترف بحدود السن.  

الحاجة زبيدة، التي نشأت في قرية دكما بمحافظة المنوفية، عاشت حياتها مؤمنة بأن التعليم هو مفتاح القوة والكرامة. رغم حرمانها من التعليم في صغرها بسبب الظروف الاجتماعية، لم تستسلم وظلت تحمل في قلبها حلم التعلم حتى تحقق أخيرًا وهي في عامها الـ87، حين حصلت على شهادة محو الأمية عام 2023. لم يكن مجرد نجاح شخصي، بل رسالة قوية بأن الإرادة تصنع المستحيل، وأن الأوان لا يفوت أبدًا لمن يسعى للعلم.  


ما إن انتشرت قصتها حتى أصبحت حديث وسائل الإعلام المصرية والعالمية، حيث احتفت بها وزارة التضامن الاجتماعي، وكرّمتها مديرية التضامن الاجتماعي بالمنوفية باعتبارها نموذجًا يُحتذى به في الإرادة. لم يتوقف الاهتمام عند هذا الحد، فقد لاقت قصتها صدى عالميًا، حتى أن النجمة العالمية أنجلينا جولي نشرت صورتها على حسابها الرسمي في "إنستجرام"، معبرة عن إعجابها الشديد بعزيمتها. وبرغم بساطتها، جاء رد الحاجة زبيدة عفويًا عندما قالت إنها لا تعرف جولي، لكنها دعتها لزيارة المنوفية لتناول الفطير والعسل والجلوس على "المصطبة"، في مشهد يعكس طيبة المصريين وتلقائيتهم.  


لم تكن حياة الحاجة زبيدة سهلة، لكنها كانت مليئة بالكفاح. وفي أيامها الأخيرة، تعرضت لوعكة صحية مفاجئة استدعت نقلها إلى المستشفى، إلا أن القدر لم يمهلها كثيرًا، لتفارق الحياة تاركة خلفها قصة سيحكيها التاريخ عن امرأة كسرت القيود وصنعت مجدها رغم التحديات.  

شيّع المئات من أهالي قريتها جنازتها في مشهد يليق بامرأة لم تكن مجرد سيدة عادية، بل نموذجًا للعزيمة والإصرار. اجتمع الأهالي ليودعوها إلى مثواها الأخير، حيث وُري جثمانها الثرى في مقابر العائلة، وسط دعوات بالرحمة والتقدير لما قدمته من درس في المثابرة.  


لم تكن قصة الحاجة زبيدة مجرد قصة كفاح فردية، بل رسالة ممتدة للأجيال القادمة، تؤكد أن السعي وراء المعرفة لا يتوقف عند عمر معين، وأن الأمل دائمًا موجود لمن يملك الإرادة. اليوم، ترحل الحاجة زبيدة، لكنها ستبقى في ذاكرة مصر رمزًا حيًا للصمود والطموح، وستظل قصتها محفورة في وجدان كل من يحلم بتحقيق المستحيل.


قصة الحاجة زبيدة تسلط الضوء على أهمية التعليم في تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع. فرغم أنها لم تنل فرصتها في التعلم خلال طفولتها، إلا أنها أدركت في كبرها أن المعرفة ليست مجرد رفاهية، بل وسيلة لتحقيق الذات والمشاركة الفعالة في المجتمع. إن قصتها تعد دعوة لجميع النساء، وخاصة في المناطق الريفية، لعدم التخلي عن حقهن في التعلم، لأن العلم هو السلاح الأقوى في مواجهة تحديات الحياة.


وفاة الحاجة زبيدة لا ينبغي أن تكون نهاية قصتها، بل بداية لدفع الجهود نحو تكثيف برامج محو الأمية، خاصة بين كبار السن الذين لم تسنح لهم الفرصة للتعلم في صغرهم. على الجهات المختصة أن تتخذ قصتها نموذجًا ملهمًا لإطلاق مبادرات جديدة تهدف إلى مساعدة الأفراد على تحقيق أحلامهم التعليمية، وجعل التعليم متاحًا للجميع بغض النظر عن العمر أو الظروف. فقط عندما يصبح التعليم حقًا متاحًا لكل فرد، سنرى المزيد من قصص النجاح التي تضيء الطريق للأجيال القادمة.


google-playkhamsatmostaqltradent