رسميًا حظر تشغيل الهواتف غير المسددة للرسوم الجمركية
مع انطلاق صباح اليوم الإثنين السابع من أبريل 2025، دخل قرار حظر تشغيل الهواتف المحمولة المستوردة من الخارج دون سداد الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من تنظيم سوق الأجهزة الإلكترونية المحمولة في مصر. القرار الذي طال انتظاره يأتي في إطار خطة متكاملة أطلقها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات للحد من ظاهرة تهريب الهواتف، وتفعيل منظومة رقابية دقيقة تسعى لحوكمة السوق وتعزيز الإنتاج المحلي.
بدأت الجهات المعنية تنفيذ القرار بعد انتهاء المهلة التي منحها الجهاز لمستخدمي الهواتف المستوردة من الخارج لتسوية أوضاعهم الجمركية، حيث تم تفعيل المنع الكامل لتشغيل أي جهاز لم يُسدد عنه رسوم الجمارك، وذلك على جميع الشبكات العاملة داخل الجمهورية. وبذلك، يتوقف عمل الهواتف المهربة، لتصبح مجرد أجهزة خاملة لا قيمة لها في يد المستخدمين.
في السياق ذاته، أطلق الجهاز رابطًا إلكترونيًا تفاعليًا يُتيح للمواطنين الاطلاع على تفاصيل الإجراءات الجديدة، والإجابة على أبرز الأسئلة المتعلقة بها، إلى جانب التعريف بتطبيق "تليفوني" الذي يُعد الأداة الرئيسية لتسجيل الهواتف ومتابعة حالتها الجمركية.
المنظومة الجديدة التي بدأت ملامحها منذ مطلع يناير 2025، فرضت رسومًا جمركية بنسبة تصل إلى 38.5% من قيمة الهاتف على كل جهاز يتم إدخاله إلى البلاد، في محاولة لكبح جماح الفوضى التي اجتاحت السوق قبيل التطبيق الرسمي. فقد شهدت تلك الفترة تدفقًا هائلًا على شراء الهواتف المستوردة، خصوصًا من الفئات العليا مثل آيفون وسامسونج S، حيث تم تفعيل أكثر من مليون ومائتي ألف جهاز في وقت قياسي، وفقًا لإحصاءات أولية.
وتزامنًا مع قرب بدء العمل بالمنظومة، رصدت السلطات عمليات تهريب ضخمة، كشف التحقيق أنها تمثل نحو 80% من السوق، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ القرار الحاسم حمايةً للصناعة الوطنية، التي باتت تضم شركات عالمية تُنتج هواتفها محليًا داخل مصر.
هذه الخطوة الاستراتيجية، بحسب مراقبين، تسير في خطى تعزيز الثقة بمناخ الاستثمار في مجال الإلكترونيات، وتشجيع الشركات على التصنيع داخل مصر بدلًا من الاعتماد على الاستيراد العشوائي، ما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ويقوي القاعدة الصناعية الوطنية.
القرار لم يغفل احتياجات المصريين في الخارج، حيث أُقرت آلية تضمن إعفاء الهاتف الأول الذي يصطحبه المسافر من أي رسوم أو ضرائب، بينما تُفرض الرسوم فقط على الجهاز الثاني وما بعده.
وتكشف الأرقام الرسمية أن 85% من الهواتف المستخدمة حاليًا في السوق المصري تُنتج داخل البلاد، وهو ما يعكس طفرة واضحة في مجال التصنيع المحلي، ودليلاً ملموسًا على جدوى هذه السياسات التنظيمية.
في النهاية، لم يكن هذا القرار مجرد إجراء رقابي، بل هو رسالة واضحة بأن فوضى السوق لن تستمر، وأن مصر تمضي قدمًا نحو بناء سوق إلكترونيات مستقر، شفاف، وآمن.