مشروع تخرج طلاب إعلام الأهرام الكندية يناقش العلاقة المعقدة بين الإنسان والتكنولوجيا
كتب - حسن سليم
بخطوات واثقة ونظرة تحليلية ثاقبة، نجح طلاب الفرقة الرابعة بكلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية في تقديم مشروع تخرج يحمل عنوان "تحكُّم"، وهو عمل إعلامي متكامل في صورة مجلة إلكترونية متخصصة في التكنولوجيا، لا يكتفي برصد الظواهر التقنية، بل يغوص عميقًا في تداعياتها الإنسانية والنفسية والاجتماعية، كاشفًا عن تساؤلات كبرى تفرضها الحياة الرقمية الحديثة.
يتعامل مشروع "تحكُّم" مع التكنولوجيا بوصفها أكثر من مجرد أدوات ذكية أو تطورات تقنية، إذ يعكس رؤية نقدية ناقدة تسعى لفهم الطريقة التي أعادت بها التكنولوجيا تشكيل تفاصيل الحياة اليومية. من خلال مقالات وتحقيقات مدعمة بالتحليل والمصادر، يتناول المشروع كيف غزا الذكاء الاصطناعي المشهد الإعلامي، وفرض أنماطًا جديدة في العلاقات الإنسانية، بل وتسلل إلى عمق وعينا الذاتي، حتى بات المتلقي يتساءل: من الذي يتحكم في قراراتي؟ هل ما زلت أملك زمام أمري، أم أنني صرت أتحرك بتوجيه من خوارزميات خفية تُعيد برمجة تفاعلي مع العالم من حولي؟
اللافت في المشروع أنه لا يسعى إلى تقديم إجابات قاطعة أو حقائق مغلقة، بل يتبنى خطابًا مفتوحًا يدعو القارئ للتفكر والمساءلة. يطرح "تحكُّم" سؤاله الجوهري بجرأة: من يحكم من؟ هل التكنولوجيا وسيلة في يد الإنسان، أم أن الإنسان نفسه أصبح مُطوعًا داخل منظومة رقمية باتت تدير اختياراته وتحكم عاداته اليومية بل وتوجه مشاعره وسلوكياته؟
وما يميز هذا المشروع ليس فقط موضوعه المتجدد والمتشابك مع قضايا الساعة، وإنما أيضًا المستوى المهني الذي ظهر به، فقد جاء العمل شاملاً في عرضه، دقيقًا في توثيقه، ومبدعًا في تقديم محتواه، ما يعكس قدرة الطلاب على محاكاة بيئة العمل الإعلامي الحقيقي. وقد نُفذ المشروع تحت إشراف أكاديمي من الدكتور أمل منير والدكتورة أمنية خالد، اللتين وفرتا الإرشاد والدعم اللازمين للوصول إلى هذا المستوى من النضج والتحليل.
ويضم فريق العمل مجموعة من الطالبات اللاتي أظهرن تميزًا في تناولهن للمحتوى الإعلامي بأسلوب عصري وشامل، وهن: شروق عارف، ميرنا أشرف، فرح سمير، إيريني أنطون، ومريم سمير. استطاع هذا الفريق أن يحوّل فكرة المجلة إلى مساحة نقاش حيّ، تتقاطع فيها التكنولوجيا مع الفلسفة وعلم النفس والسوشيال ميديا، ليصنع بذلك تجربة إعلامية ناضجة تليق بخريجي جيل جديد من الصحفيين.
"تحكُّم" هو في حقيقته أكثر من مجرد مشروع تخرج؛ إنه مرآة لحالة قلق جماعي متزايد من الحضور الطاغي للتكنولوجيا في حياتنا، وجرس إنذار يدق بإلحاح، داعيًا إلى وقفة تأمل: هل ما زلنا نستخدم الآلة؟ أم أن الآلة صارت تستخدمنا؟