من قلب مكتبة الإسكندرية.. "معلومات الوزراء" يحتفي باليوم العالمي للكتاب والملكية الفكرية ويشعل جذوة الوعي الثقافي pdf
بقلم: أماني صقر
في مشهد يليق بعراقة الفكر وجلال المعرفة، اختار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن يحتفل هذا العام باليوم العالمي للكتاب والملكية الفكرية من داخل أحد أبرز صروح الثقافة العربية والعالمية، مكتبة الإسكندرية. المبادرة جاءت ضمن حملة توعوية أطلقها المركز عبر منصاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، حافلة برسائل بصرية ومحتوى معرفي مصور يعكس أهمية حماية الفكر وصون حقوق المبدعين.
وفي لقاء خاص ضمن الحملة، تحدث الدكتور أحمد عبد الله زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، عن الدور الحيوي الذي تضطلع به المكتبة في نشر الثقافة وتعزيز مفاهيم الملكية الفكرية، مؤكدًا أن المكتبة لم تعد فقط مستودعًا للكتب بل أصبحت حاضنة للوعي ورافعة لحماية التراث الإنساني.
زايد أضاء خلال حديثه على متحف المخطوطات، أحد أعمدة مكتبة الإسكندرية وأكثرها تفردًا، والذي يحتضن نحو ستة آلاف مخطوطة نادرة وكنوزًا معرفية ثمينة، من بينها النسخة الأصلية من كتاب "وصف مصر" الصادر في باريس عام 1821، إلى جانب أرشيف يضم أكثر من 120 ألف مخطوطة مصورة تغطي مختلف فروع المعرفة، من الطب إلى الفلك والجغرافيا.
وشدد مدير المكتبة على ضرورة ترسيخ ثقافة احترام حقوق الإبداع في وجدان الأجيال الجديدة، معتبرًا أن حماية هذه الحقوق لا تقل أهمية عن حفظ التراث، مشيدًا في الوقت ذاته بازدياد وعي النخب الثقافية المصرية بأهمية حقوق الملكية الفكرية في عالم يزداد فيه التنافس على الأفكار والمحتوى.
كما سلط الضوء على جهود مكتبة الإسكندرية في مجال الترميم والحفظ، من خلال مركز ترميم المخطوطات التابع لها، الذي يُعد مرجعًا عربيًا في هذا المجال، ويقدم برامج تدريبية لتأهيل مختصين في صيانة المقتنيات التراثية النادرة.
في إطار التوجه الرقمي للمكتبة، أعلن زايد عن إطلاق موقع "دار"، بوابة إلكترونية تتيح للجمهور والباحثين تصفح ما يقرب من نصف مليون كتاب رقمي وخرائط ومواد وثائقية، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يعد نقلة نوعية في مجال إتاحة المعرفة. كما تحدث عن مشروع "ذاكرة مصر"، الذي يسجل محطات مهمة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر من خلال وثائق وصور نادرة.
اللقاءات التي ضمّتها الحملة لم تقتصر على الدكتور زايد فقط، بل شملت مسؤولين آخرين من المكتبة تناولوا أبرز الأنشطة الجارية، مثل عمل مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، الذي يسعى لحفظ التراث المادي وغير المادي لمصر عبر عمليات رقمنة واسعة النطاق، تشمل المعالم الدينية والتاريخية والحرف التقليدية، بالإضافة إلى إصدار أفلام قصيرة توعوية موجهة للأجيال الصاعدة.
وأبرز مسؤولو المكتبة خلال اللقاءات أيضًا الطفرة الرقمية التي تشهدها المؤسسة، إذ تُجرى يوميًا عمليات رقمنة لأكثر من ثلاثة آلاف صفحة باستخدام أحدث الأجهزة، في محاولة جادة لحفظ هذا الإرث الثمين في صورة رقمية تضمن استمراريته للأجيال القادمة.
وفي ختام اللقاءات، وجه مسؤولو المكتبة دعوة مفتوحة للشباب والمبدعين للاهتمام بحقوقهم الفكرية، مؤكدين أن التوعية القانونية بحقوق المؤلفين والفنانين والباحثين أصبحت ضرورة ثقافية ووطنية، وأن مكتبة الإسكندرية ماضية في أداء دورها التنويري من خلال تنظيم الفعاليات والندوات وورش العمل التي تسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وأشد احترامًا للإبداع.