"نص ضل".. طلاب إعلام الجامعة الكندية يوثقون قصة فتاة ترى الحياة بقلبها
اختار طلاب كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية أن يصمتوا قليلًا ليستمعوا لقصة من نوع مختلف، قصة لا ترى الألوان كما نراها، لكنها ترى الحياة بأبعاد أعمق، وإحساس أصدق. ومن رحم هذا الإنصات، وُلِد فيلم "نص ضل"، مشروع تخرج إنساني بامتياز، يحتفي بإرادة فتاة صنعت من التحدي جناحين، وحلّقت بهما فوق القيود.
"نص ضل" ليس مجرد فيلم وثائقي قصير مدته 11 دقيقة ونصف، بل هو مرآة إنسانية تعكس حكاية فيروز أشرف، فتاة وُلدت بعمى ألوان كلي، لم تعرف يومًا معاني الأحمر أو الأخضر أو البنفسجي كما يعرفها غيرها، لكنها عرفت الأمل وعاشته، عرفت الحلم وسعت إليه، وعرفت كيف تُلهم الآخرين، ليس فقط بتفاصيل مرضها، بل بقوة حضورها وإصرارها على أن تترك أثرًا جميلًا في عالم رقمي سريع التقلّب.
الفيلم، الذي سيتم عرضه يوم 17 يونيو داخل جامعة الأهرام الكندية، جاء ثمرة جهد مشترك بين مجموعة من طلاب الإعلام الذين آمنوا بأن الصورة لا تُرى فقط بالعين، بل تُحس بالقلب. وقد حرصوا على أن تُعبّر الكاميرا عن فيروز بصدق، بعيدًا عن أي مبالغات درامية، ليأتي الفيلم بسيطًا في أسلوبه، لكنه عميق في مشاعره، قويًّا في رسالته.
شارك في كتابة ومعالجة الفيلم زمزم محمد ورؤى خالد، فيما تولت مايسة عمرو ويمنى السيد مهمة الإعداد، بعد بحث دقيق قامت به يمنى السيد ونوران حامد. وقد أبدعت عدسة رؤى خالد ومحمد عبد المجيد في التقاط لحظات الصدق الإنساني، بينما تولت جيهان محمد عملية المونتاج باحترافية عالية جعلت الفيلم ينساب بسلاسة وإحساس. أخرج الفيلم محمد عبد المجيد، وساعدته في الإخراج مايسة عمرو، أما الإنتاج فكان من توقيع نوران حامد.
وجاء المشروع تحت إشراف أكاديمي متميز ضم الدكتورة إيناس أبو يوسف والدكتورة ماجدة باجنيد كمشرفين عامين، إلى جانب إشراف مباشر من الدكتورة نرمين إبراهيم والدكتور شريف رشوان، اللذين قدّما لفريق العمل التوجيه والدعم طوال مراحل الإنتاج.
فيروز ليست فقط بطلة فيلم، بل هي بطلة حياة. رغم إصابتها بعمى ألوان كلي منذ الطفولة، اختارت أن تكون صوتًا لمن يشبهها، وأن تستخدم منصات التواصل، خصوصًا "تيك توك"، لنشر رسائل توعية وحب للحياة، بأسلوب بسيط، صادق، ومؤثر. حكايتها تمثل شريحة من الفتيات اللاتي يحملن في داخلهن طاقة نور، لا يعرفها إلا من اقترب.
ورغم التحديات البصرية، استطاعت فيروز أن ترى العالم بطريقتها، وأن تُشعر الآخرين بجماله من منظورها، وأن تثبت أن الإعاقة لا تكمن في الحواس بل في غياب الإرادة.
لا يطلب طلاب إعلام الجامعة الكندية أكثر من كلمة طيبة، أو مشاركة بسيطة، أو حتى دعاء صادق لفيروز. إنهم فقط يريدون أن تصل القصة لقلوب الناس، كما لامست قلوبهم، وأن يذكرهم الفيلم بأن كل إنسان، مهما اختلف، له ضوء داخلي ينتظر فقط من يؤمن به ليضيء.
"نص ضل" ليس فقط مشروع تخرج، بل شهادة محبة، ورسالة أمل، ودرس في أن الإنسانية ما زالت تُروى بلغة بسيطة وصادقة، فقط حين نجد من يصغي.
