الهلال الأحمر المصري... استجابة إنسانية لا تعرف التراجع في مواجهة الكوارث
بقلم: هاني الزنط
وسط دوي الانهيارات وصرخات الاستغاثة التي تشق صمت المآسي، يطل الهلال الأحمر المصري كرمز للرحمة وسند في لحظات الانكسار، حاملاً رايته البيضاء إلى قلب مواقع الكوارث دون تردد. لا تغيب راياته عن أي مشهد إنساني، ولا تتأخر فرقه عن نجدة كل من أنهكته الفواجع، سواء في المدن الكبرى أو أعماق الأقاليم.
في الأسابيع الأخيرة، عاشت مصر سلسلة من الكوارث المفجعة تمثلت في انهيارات مفاجئة لعقارات سكنية، أبرزها ما حدث في منطقة السيدة زينب بالقاهرة، وحادث مماثل في حدائق القبة، فضلاً عن وقائع مشابهة في محافظة أسيوط. ومع كل صافرة إنذار، كانت فرق الهلال الأحمر المصري أول الواصلين، تجسيدًا لمعنى الاستجابة السريعة والميدانية.
تحركت فرق الطوارئ المزودة بأحدث معدات الإسعاف والإخلاء، لتقديم الرعاية الطبية العاجلة للمصابين، ونقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات، بينما تكفلت فرق الدعم النفسي بالوقوف إلى جانب الناجين وأسر الضحايا، في لحظات اختلطت فيها الدموع بالخوف، والذهول بالحاجة ليد حانية.
وكان لتدخل الهلال الأحمر في حادث انهيار عقار السيدة زينب حضورٌ نوعي، حيث تعاملت الفرق بحرفية وانضباط، نجحت في احتواء الموقف وإسناد الجهات الرسمية، دون أن يغيب التنظيم أو الحس الإنساني. وفي حدائق القبة، استمر النشاط المكثف للفرق، لتأمين السكان المحيطين، وتقديم العون بالتنسيق مع أجهزة الحماية المدنية.
لكن الدور لم يقف عند حدود الميدان، بل امتد إلى خلف الكواليس، حيث فعّلت المؤسسة غرفة عملياتها المركزية، وتابعت البلاغات لحظة بلحظة عبر خطوط الطوارئ، تأكيدًا على جهوزية لا تعرف الراحة. فرق الهلال الأحمر لا تعمل فقط تحت ضغط الكوارث، بل تدربت خصيصًا للتعامل مع كل ما هو طارئ، من الإخلاء السريع إلى الدعم النفسي، باستخدام معدات مهيأة للتدخل في بيئات غير مستقرة.
ولأن الاستباق أهم من العلاج، أطلق الهلال الأحمر حملات تثقيفية توعوية شملت إجراءات السلامة في العقارات القديمة، وآليات الإخلاء السريع، وطرق تقديم الإسعافات الأولية، في محاولة جادة لتقليل الخسائر البشرية وتعزيز وعي المجتمع.
الهلال الأحمر المصري لا يسعى فقط إلى إنقاذ الأرواح، بل يرسخ قيم التكافل والرحمة في كل موقع يتدخل فيه. حضوره المتواصل في الميدان يعكس التزامًا إنسانيًا أصيلًا، ودورًا وطنيًا لا يمكن الاستغناء عنه في أوقات الأزمات.
وجود هذه المؤسسة ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية في مجتمع يواجه تحديات متزايدة، وشريك لا غنى عنه في منظومة الاستجابة للطوارئ. الهلال الأحمر هو النبض الذي يصل حيث تعجز الخطط، واليد التي تمسح دمعة، وتعيد الأمل في أحلك اللحظات.