عضو "البحوث الإسلامية" يوضح الطريق لتجاوز الخوف السلبي والثقة في رحمة الله
أكد الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، أن الشعور بالخوف في ذاته لا يُعد أمرًا مذمومًا، بل هو جزء من التكوين الإنساني الطبيعي، مشددًا على أن الخطر لا يكمن في الخوف نفسه، بل في تركه يتحول إلى عائق يشل حركة الإنسان ويغرقه في دوامة من الأوهام والتشاؤم.
وخلال حوار أجراه مع الإعلامي شريف فؤاد عبر برنامج "مع الناس" على قناة الناس، أوضح الهواري أن هناك فئة من الناس تعيش في حالة خوف دائم على مستقبلها أو صحتها أو أبنائها أو أموالها، لكنها لا تتخذ أي خطوة عملية لتجاوز تلك المخاوف، مؤكدًا أن الخوف إن لم يتحول إلى دافع للعمل يصبح عبئًا نفسيًا قد يؤدي إلى الإحباط والقنوط بل وربما إلى اضطرابات نفسية خطيرة.
وأشار الهواري إلى أن كثيرين يخلطون بين التوكل والتواكل، موضحًا أن التوكل الحق لا يعني ترك السعي، بل يقتضي أن يبذل الإنسان كل ما في وسعه من جهد وأسباب، مع يقين راسخ بأن الله هو المتصرف في النتائج، قائلاً إن هذا التوازن بين العمل واليقين هو جوهر العقيدة الإسلامية.
وشدد على أن الإيمان الحقيقي يمنح صاحبه قوة داخلية وطمأنينة روحية، لأنه يدرك أن كل ما يصيبه مقدر من الله، سواء في الرزق أو النجاح أو الصحة أو غيرها، مستشهدًا بقوله تعالى: "قل إن الأمر كله لله"، ومؤكدًا أن الإيمان لا يلغي مشاعر الخوف، لكنه يهذبها ويوجهها لتصبح طاقة دافعة لا معوقة.
وضرب الهواري مثلًا بهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، باعتبارها نموذجًا فريدًا في الأخذ بالأسباب دون التفريط في التوكل، مشيرًا إلى أن النبي خطط للهجرة بدقة، واختار الطريق والدليل والدابة والمكان المناسب، ومع ذلك ترك النتيجة لله، فجاءت النجاة بأمر إلهي حين وقف الكفار أمام الغار دون أن يتمكنوا من رؤيته.
واختتم الدكتور محمود الهواري حديثه بالتأكيد على أن الإسلام دين توازن لا يدعو إلى إنكار المشاعر أو تجاهلها، لكنه يحث الإنسان على عدم الاستسلام لها، والسير بخطى ثابتة نحو الأمان والسعي والاجتهاد، مرددًا: من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، فالإيمان لا يمنع الخوف، لكنه يمنع أن يتحول إلى يأس وجمود.