المفكر علي محمد الشرفاء يكتب: حين يهجر المسلمون القرآن ويتبعون الروايات.. فأين هم من الإسلام الحقيقي؟
في مقالة فكرية جريئة، تساءل المفكر علي محمد الشرفاء عن موقع المسلمين اليوم من الإسلام الذي أنزله الله كتابًا هاديًا للناس، وباقيًا إلى يوم الدين، مؤكدًا أن كثيرًا ممن ينتسبون إلى الإسلام قد خدعوا أنفسهم وظنوا أن مجرد تأدية الشعائر الخمس كافٍ للنجاة، في حين أنهم تخلوا عن جوهر الدين وأعرضوا عن كتاب الله واتبعوا أقوال المفسرين والفقهاء على حساب الوحي الإلهي.
ويحذر الشرفاء من هذا الانفصال بين النص القرآني والواقع الديني، مستشهدًا بقول النبي الكريم في شكواه لربه: "يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا"، ليشير إلى أن القرآن لم يُهجَر من غير المسلمين، بل من أولئك الذين ظنوا أنهم مؤمنون به.
وفي قراءته للمشهد الديني، ينتقد الشرفاء بشدة تفكك المسلمين إلى طوائف ومذاهب ومدارس فكرية متباينة، بدءًا من المذاهب الأربعة، مرورًا بما يُعرف بأهل السنة والجماعة، وصولًا إلى الفرق الشيعية، معتبرًا أن هذا التشرذم يخالف صريح القرآن الذي أمر المسلمين بالوحدة والاعتصام بحبل الله. ويشير إلى أن الله وصف من فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا بأنهم من المشركين، وهو وصف صادم لأولئك الذين يتنازعون باسم الدين ويزعمون أنهم الأقرب إلى الله.
ويدعو الشرفاء المسلمين إلى مراجعة أنفسهم بصدق، وقياس إيمانهم الحقيقي من خلال مدى التزامهم بتعاليم القرآن في حياتهم اليومية، من معاملات، ورحمة، وعدالة، وتسامح، وإحسان للوالدين، واحترام للإنسان وحقوقه، بغض النظر عن لونه أو جنسه أو طبقته أو انتمائه.
كما شدد على أن القرآن لا يطلب من المسلم أن يحفظه فقط، بل أن يعيه ويتدبره ويعمل به. فالله لم يفضل شعبًا على آخر، بل جعل معيار التفاضل هو التقوى والعمل الصالح، وليس الأنساب أو الألقاب أو الثروات. وتساءل: هل التزم المسلمون بهذا المعيار؟ أم أنهم انشغلوا بالشكليات والادعاءات، وتجاهلوا جوهر الدين؟
ويرسم الكاتب صورة إنسانية وروحانية للإسلام كما ينبغي أن يُفهم ويُطبّق، دين يحث على احترام الإنسان وتكريمه، على الرحمة والتسامح، على عدم العدوان والظلم، على مساعدة الفقراء والضعفاء، وعلى طهارة القلب من الحقد والحسد والغش.
وفي ختام مقاله، يوجّه الشرفاء دعوة صريحة للمراجعة والمحاسبة، ويذكّر بأن كل إنسان سيقف وحده أمام الله، لا وساطة تنفع، ولا نسب يشفع، ولا مال يُغني، فيُسأل: هل اتبعت ما أنزل الله؟ أم جعلت بينك وبينه أولياء من البشر؟ وهل طبّقت وصاياه كما أرادها، أم سرت خلف رواياتٍ غيّبت عنك جوهر رسالته؟
رسالة الشرفاء، في جوهرها، دعوة للعودة إلى النبع الصافي: القرآن الكريم، بعيدًا عن الانقسامات والتأويلات التي أبعدت المسلمين عن نور الهداية الإلهية، وحوّلت الدين إلى صراعات وأحزاب ومذاهب، بدلًا من أن يكون طريقًا للسلام والوئام بين البشر.
