recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

"حضن فائت"... قراءة نقدية عميقة تكشف وجع الأسر وانهيار البيوت

 

"حضن فائت"... قراءة نقدية عميقة تكشف وجع الأسر وانهيار البيوت

"حضن فائت"... قراءة نقدية عميقة تكشف وجع الأسر وانهيار البيوت


كتب- حسن سليم


في قراءة نقدية مؤثرة للمجموعة القصصية "حضن فائت" الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة – إقليم غرب ووسط الدلتا، يعيد الدكتور سعيد محمد المنزلاوي رسم المشهد الأسري العربي بكل تناقضاته، مستخرجًا من عمق التفاصيل صرخة مؤلمة في وجه التفكك الأسري، وتمرد الزوجات، وقهر الأزواج، وضياع الأبناء.


المجموعة، التي تتناول من خلال مشاهد درامية وسينمائية عالية الجودة حياة أسرية ممزقة، تضع القارئ وجهًا لوجه مع واحدة من أخطر قضايا العصر: الخلل في العلاقة بين الزوجين، وتحول البيوت من محاضن للأمان إلى ساحات صراع ونزاع.


وفي قراءته النقدية، يتوغل الكاتب الصعيدي عبد الصمد الشويخي إلى قلب الألم، محللًا رمزية النصوص، وكاشفًا عن بنية سردية مشغولة بمهارة فنية، استخدم فيها المنزلاوي اللغة بتلقائية عذبة، والحوار برشاقة، والرمز بإتقان، ليُنتج نصوصًا تشبه المرآة التي تعكس مأساة العديد من الأسر.


من خلال شخصيات مكسورة وأحداث موجعة، يرصد المنزلاوي حالة الزوج المقهور، الذي يضحّي بكل ما يملك ليحفظ استقرار بيته، فيواجه بامرأة متمردة، استغلت أدوات القانون الحديث، وشعارات الحرية والتمكين، لتُنهي مؤسسة الزواج، وتبدأ رحلة انتقام تمتد حتى تشويه صورة الأب أمام الأبناء، وتغذيتهم بالكراهية.


وتتطرق المجموعة، كما تُبرزها قراءة الشويخي، إلى الأسباب العميقة لتفكك الأسر، ومنها تدخل الأهل، وكشف الأسرار الزوجية، واستغلال بعض النساء لما مُنحن من حقوق، لا للإنصاف، بل للهيمنة والتنكيل، وتحويل الأب من عمود للأسرة إلى "ممثل ثانوي" لا دور له إلا الإنفاق، ثم الإقصاء.


وتسلط القصص الضوء على مفارقات موجعة، فالأب يحتفل ويُكرم في مجتمعه، لكنه لا يجد ابنه إلى جانبه، ولا يسمع منه كلمة حنان. يراه من بعيد يلوّح له ببرود، بينما يشتاق هو إلى حضن دافئ، وكلمة واحدة تذيب وجعه المتراكم.


وترصد المجموعة أيضًا، بحسب تحليل الشويخي، مظاهر الضغط الاقتصادي والابتزاز العاطفي، والخذلان المتكرر، لتظهر نتيجة ذلك في بيوت تتهاوى، وأبناء مشردين، وزوجات عالقات بين وهم المكاسب، وواقع الندم.


وبعين الناقد، يرى الشويخي أن الدكتور سعيد محمد المنزلاوي لم يكتب فقط عن الطلاق، بل كتب عن انهيار منظومة القيم، عن تآكل الحميمية، عن بيوت أقيمت من ورق، وقلوب امتلأت جفاءً، وأمومة تسلّحت بالكره، وأبوة لم تجد حضنًا ولا سندًا.


ويختم الناقد بأن "حضن فائت" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل وثيقة اجتماعية وإنسانية يجب أن تُقرأ على كل المستويات، لما تحمله من عمق فكري، ورؤية إصلاحية، وجرأة في الطرح لم يسبق إليها الكثيرون، داعيًا المؤسسات المعنية بالشأن الأسري إلى الاستفادة منها في تصحيح المسار، وإعادة الاعتبار لمكانة الأسرة، التي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع.


google-playkhamsatmostaqltradent