الخارجية تتابع غرق قارب يحمل مواطنين مصريين وتؤكد على مخاطر الهجرة غير الشرعية
كتب - حسين الحانوتي
تتابع وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، عن كثب وباهتمام بالغ، الحادث المأساوي لغرق قارب كان يحمل عددًا من المواطنين المصريين قبالة سواحل مدينة طبرق الليبية، في واقعة تُعيد إلى الأذهان المخاطر المتزايدة التي تحيط بمحاولات الهجرة غير الشرعية عبر البحر.
وبمجرد وصول المعلومات الأولية عن الحادث، سارعت القنصلية العامة المصرية في بنغازي إلى إرسال وفد رسمي إلى مدينة طبرق، لبدء التنسيق الفوري والمباشر مع السلطات الليبية المعنية. وقد باشر الوفد أعماله على الأرض من خلال المتابعة الدقيقة لأوضاع المواطنين المصريين الذين كانوا على متن القارب، والعمل على التعرف على هوية الضحايا والناجين على حد سواء.
ومن خلال الجهود المشتركة، تم التعرف على عدد من الجثامين، حيث جرى نقلها إلى المنفذ البري الحدودي تمهيدًا لإعادتها إلى أرض الوطن، بعد أن قام ذووهم في مصر بالتعرف عليها. ولا تزال أعمال التنسيق مستمرة من أجل نقل باقي الجثامين فور الانتهاء من تحديد هوياتهم، حيث يتم التعامل مع كل حالة على حدة بالتعاون مع الجهات الليبية المختصة.
في الوقت ذاته، تقوم القنصلية بمتابعة دقيقة لأوضاع عدد من الناجين من الحادث، تمهيدًا لترحيلهم إلى مصر عقب استكمال الإجراءات القانونية والتحقيقات الجارية هناك. وتحرص القنصلية على توفير الدعم والرعاية اللازمة للناجين حتى موعد عودتهم.
وأكدت وزارة الخارجية والهجرة، في بيان رسمي، أن هذا الحادث الأليم يُعد تذكيرًا صارخًا بحجم المخاطر التي ترافق محاولات الهجرة غير المشروعة، وما تسببه من مآسٍ إنسانية وفواجع لعائلات بأكملها. كما شددت الوزارة على خطورة الوقوع في فخ شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل حاجة الشباب وتحلمهم بأوهام الوصول إلى فرص أفضل في الخارج، بينما تضعهم في مواقف محفوفة بالموت والمعاناة.
وفي هذا السياق، ناشدت الوزارة جميع المواطنين المصريين، ولا سيما فئة الشباب، بضرورة الامتناع عن اللجوء إلى وسائل الهجرة غير القانونية، والتفكير مليًا في العواقب المأساوية التي تنتج عنها، مشددة على أهمية الالتزام بالمسارات الرسمية والشرعية التي تضمن الأمن والسلامة والكرامة الإنسانية.
ولفتت الخارجية إلى أن الدولة المصرية، من منطلق مسؤوليتها الكاملة تجاه مواطنيها، تواصل العمل الدؤوب لتوفير بدائل آمنة ومشروعة للهجرة، من خلال التوسع في برامج التدريب والتأهيل المهني، وفتح مجالات العمل في الداخل والخارج عبر قنوات رسمية واتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول الشريكة.
كما أكدت الوزارة أن ملف الهجرة غير الشرعية يحتل أولوية قصوى ضمن أجندة الدولة، حيث يتم التعاون بين مختلف الوزارات والهيئات المختصة لتقديم حلول عملية ومتوازنة تتعامل مع جذور المشكلة، وفي مقدمتها البطالة وضعف الفرص الاقتصادية في بعض المناطق.
وقد حرصت الوزارة على تقديم واجب العزاء لأسر الضحايا الذين فقدوا أبناءهم في هذا الحادث المؤلم، معربة عن خالص التعازي والمواساة، وسائلة المولى عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان. كما أكدت الوزارة استمرار دعمها الكامل لهم، من خلال متابعة كل الإجراءات المتعلقة بإعادة الجثامين وتقديم كل التسهيلات الممكنة لتجاوز هذه المحنة.
الجدير بالذكر أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، حيث سبق وأن شهدت سواحل ليبيا ودول أخرى على ضفاف البحر المتوسط عشرات الحوادث المماثلة، ما يؤكد الحاجة الملحة لتضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مكافحة شبكات الهجرة غير الشرعية، والتعاون من أجل بناء سياسات عادلة ومنصفة للهجرة تحفظ حقوق الإنسان وتضمن كرامته.
وفي خضم هذه الكارثة، يبقى الأمل معقودًا على زيادة الوعي المجتمعي، وتكاتف الدولة بمؤسساتها مع المجتمع المدني والإعلام، لتقديم خطاب بديل يفتح أعين الشباب على الفرص الحقيقية المتاحة، ويضعهم على طريق النجاح من دون تعريض حياتهم للمجهول.
فالحلم لا يجب أن يكون على حساب الحياة، والطموح المشروع لا يُحقق بالقفز إلى المجهول، بل بالتخطيط والتأهيل والانطلاق من أرض صلبة نحو المستقبل.

