recent
أخبار ساخنة

هايدي.. براءة طفلة تكشف غياب الأصل: لماذا صار الواجب "تريند"؟

 

هايدي.. براءة طفلة تكشف غياب الأصل: لماذا صار الواجب "تريند"؟

هايدي.. براءة طفلة تكشف غياب الأصل: لماذا صار الواجب "تريند"؟


بقلم: د. خالد البليسى 


في مشهد إنساني انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح حديث الشارع المصري خلال الساعات الأخيرة، رصدت كاميرات أحد المحال  طفلة صغيرة تُدعى هايدي وهي تُعيد كيس "شيبسي" إلى الرف، وتمنح ثمنه – خمسة جنيهات – لرجل فقير يقف امام المحل يستعطف المارة.

الموقف العفوي الذي لم يستغرق سوى لحظات، تحوّل بسرعة إلى "تريند" وتصدر صفحات السوشيال ميديا، مصحوبًا بعناوين من قبيل "الطفلة الملاك" و"أصغر نموذج للرحمة".

سفيرة الرحمة"

لكن السؤال الحقيقي هنا: هل ما فعلته هايدي يستحق كل هذه الضجة؟

الجواب ببساطة: لا. ليس لأن فعلها غير نبيل، بل لأنه هو الأصل، وهو الواجب، وهو ما يأمرنا به ديننا الحنيف منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا. فالإسلام سبق التريند

ما فعلته هايدي لم يكن إلا تطبيقًا عمليًا لبديهيات الأخلاق الإسلامية. فالرسول ﷺ يقول: "من كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له"، ويقول تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8].

هذه الآيات والأحاديث تجعل ما فعلته الطفلة واجبًا طبيعيًا ينبغي أن يسود مجتمعنا، لا استثناءً يستحق كل هذه "الأفورة" الإعلامية. فالإحسان إلى الفقراء والرحمة بالمحتاجين ليس بطولة عابرة، بل هو فريضة من فرائض ديننا.

حين يصبح العادي استثنائيًا

خطورة هذا المشهد ليست في كون طفلة أعطت مالها لرجل مسكين، بل في أن المجتمع كله تعامل مع الأمر وكأنه "معجزة"! وهذا ما يكشف أن هناك فجوة كبيرة بين ما يُفترض أن نكون عليه، وما آل إليه حالنا.

لقد غاب عن كثير من الناس أن ما فعلته هايدي يجب أن يكون السلوك اليومي الطبيعي لكل مسلم، وأن "التريند" الحقيقي ينبغي أن يكون عودة الأخلاق إلى مكانها في حياتنا، لا مجرد تداول فيديو عابر على منصات التواصل.

هايدي لم تكن تبحث عن شهرة، ولم تدرك حتى أن هناك كاميرا توثق موقفها. هي فقط تصرفت بفطرة نقية كما يجب أن يتصرف كل مسلم. أما الضجة التي صاحبت الموقف فهي انعكاس لحقيقة مؤلمة: أن المعروف أصبح غريبًا، وأن ما هو "واجب" صار يُعامل على أنه "استثناء".

فهل نحتاج إلى طفلة بريئة لتُعيد تذكيرنا بما يجب أن يكون أساسًا في حياتنا؟

ربما كان في براءتها رسالة أعمق من التريند ذاته: أن ديننا علّمنا ما هو أسمى، وأن العيب ليس في هايدي، بل في مجتمع نسي أصله ثم اندهش حين رأى صورته في مرآة طفلة صغيرة.


google-playkhamsatmostaqltradent