الإبحار بين الإيجاز والإيعاز"
على هامش قراءتي لقصة "الشحاذ" للأديب الدكتور سعيد محمد المنزلاوي
بقلم د. طارق عتريس أبو حطب.
عضو هيئة التدريس بالأزهر الشريف
-------
------------
توطئة:-
مع أفول القرن التاسع عشر الميلادي، وبزوغ القرن العشرين كانت انطلاقة القصة القصيرة التي تأثرث في ظهورها بالمقامات التي انتشرت في أدبنا العربي في العصر العباسي، وتولى ريادتها من كتاب العرب الأديب المصري محمد تيمور الذي كان له فضل السبق في معرفة الأدب العربي بالقصة القصيرة، التي اعتمدت بشكل كبير في ظهورها على الصحف، والمجلات السيارة.
ويمكننا في إيجاز أن نعرج على تعريف القصة القصيرة بأنها "فن أدبي سردي يتميز بالتكثيف، والإيجاز،تعتمد على حدث أو فكرة محددة، بهدف إيصال مضمون، أو رسالة، أو إثارة إحساس لدى القارئ في وقت قصير" مع مملاحظة - ما اتفق عليه نقادنا - أنه يصعب حذف جملة أو غيرها من مكوناتها حتى لا يلتبس المعنى على المتلقي.
وترتكز القصة القصيرة - عادة-على مقومات،وعناصر رئيسة تتمثل في الأحداث، الشخصيات، الزمان والمكان، والحبكة التي تشكل ذروة الصراع وصولا لنهايته.
وعادة تتسم القصة القصيرة بقدرتها على الاختزال، والتلميح؛ حيث يعتمد الكاتب على التركيز والدقة في اختيار المفردات، ودقة الوصف لإثارة الخيال وإيقاظ المشاعر، مع إيثار عنصر الغموض،والتخيل متمثلت في ترك النهايات مفتوحة رغبة في تحفيز القارئ على التأمل، والتدبر.
قراءة في قصة " الشحاذ " للأديب الدكتور سعيد محمد المنزلاوي:
اتكاء على ما أسلفنا بين يدي التقديم نبحر معك - أيها القارئ - بين دفتي المبتدأ، والنهاية لقصة "الشحاذ" للكاتب الدكتور سعيد محمد المنزلاوي
الذي نصرح بداية أنه استطاع بذكاء أن يقدم في قصته بداية من العنوان، ومرورا بالأحداث والتفاصيل صراعا داخليا يتلاطم بأمواج متتابعة من الآلام،والتأملات التي تعكس تأثيرها على القارئ فتدفعه لمشاركة الشحاذ مزاجه النفسي،وحالته الشعورية .
يقينا للوهلة الأولى، وأنت تطالع قصة "الشحاذ" لسعيد المنزلاوي، أو تشاهدها على مرآة ذاكرتك الواعية تجدها تصور بدقة،وعمق عجز،و معاناة الإنسان أمام فظاظة العيش، وقسوة الحياة وتكرار الفشل،وتجرع مرارات الإخفاقات رغم الجهد المستمر؛الأمر الذي يدفعك دقعا للشعور أن الكاتب يحدثك عن شخص تعرفه ولا تخطئه،وتتساءل في فتور،وعجب ربما كان هذا شخصا رأيته،أوعرفته وما المانع أن أكون أنا هو؟! .
فالكاتب ذكي مراوغ؛ إذ هو في قصته، ومع شحاذه، ومن رحم معاناته، وعبر الصراعات يذكرنا بحقيقة نرتشفها من بين عصارارات الإيحاءات هذه الحقيقة موجزها أن الحرية والكرامة أحيانًا تُختبر في قدرتنا على مواجهتنا اليومية للواقع ، وتجاوز التحديات القاهرة، ورغم قسوة العناء ، والتعب لا يقطع الكاتب لنا أملا نرجوه؛ أنه رغم ظلامات اليأس مازال الامل موجودا في فجر جديد.
وبتعمق تحليلي سريع للقصة من المنظور السردي
نجد أن قصة "الشحاذ" كتبت سردا بلغة تأملية داخلية، حيث البطل يعاني صراعًا نفسيًا مع واقعه المرير الجاثم فوق حلمه الحطام.
ويتهادى الحكي السردي متقطعا بين وصف الحاضر "الانتظار في القطار" و المونولوج الداخلي الذي يوحي حواره بتصارع الأفكار في ذهن الشحاذ.
ثم يغرر بك السرد فلا يسوق لك نهاية تأوي إليها ؛ بل يترك النهاية مفتوحة متخيلة محيرة مع وصول القطار وهو ما تعمده الكاتب في إشارة رمزية لتكرار المعاناة في ددواماتوهن يومية لا تنتهي.
وإذا تأملت الإيحاءات المستمدة من جوانب التحليل النفسي لوجدت
الشخصية تعالج حالة ما من الإحباط والشعور بالدونية، والانهزامية أمام واقع معاش،معادٍ وقاسٍ"الدنيا تخرج لسانها لك" الأمر الذي يصب معاناته في أتون من قهر،ووجع.
ونفسيا تتشعب الأفكار فيسلمك الشتات الذهني إلى تخيل انعكاسات الصراعات النفسية الداخلية بين الرغبة الجادة في التغيير والواقع الذي يُكبّل للروح فجملة "ألم قدميك" ما هي إلا رمز لمعاناة نفسية وجسدية متراكمة، و"الغفوة المثقلة بالنعاس" هي محض تعبير عن التعب المنهك،وعدم الثقة، ورسوخ التردد في مواجهة الحياة.
أغادر الآن القراءة النفسية لنقتحم الأفق الأدبي الرحيب في قصة " الشحاذ " ليذهب بك العجب كل مذهب وأنت تكتشف معي أن الكاتب يعبر عن مضمون قصته وكأنه ينظم قافية بأسلوب شعري أخاذ ولعل هذا بعض ما يتفرد به الطرح السردي القصصي عند سعيد المنزلاوي
كما تتلاحق الصور البلاغية واضحة ممتدة مؤثرة كما في نحو "الدنيا تخرج لسانها"، وكذلك في "تراصت بجمعها على الخوان بين يديك" في محاولات من الكاتب لإظهار الوجدان المتصارع عنفوانا وضعفا.
أما الحوار الداخلي للأفكار فهو يعبر عن الصراع الفكري والشعوري .
ولقد استطاع الكاتب أن يتفوق على نفسه حين يتناول الزمان،والمكان، فقد استخدم الزمن "الفجر، النهار الجديد" ليوحي بتكرار المعاناة والأمل المحبط في آن واحد تأكيدا لبشتات الروح.
ختاما نقول إن قصة "الشحاذ" للأديب الدكتورسعيد المنزلاوي تجسد بما لا يخفى صراع الإنسان مع واقعه القاسي بأسلوب شعوري تأملي، حيث تتلاحم الأفكار وتتشابك المشاعر في رحلة انتظار بلا انقطاع في محاولة من الكاتب لإبراز ما أسلفت وكشفت يره لك من حقيقة يقينية تقول كيف يبقى الأمل متجددًا رغم الإحباط وضغوط الحياة؟!، مما يجعل من قصة الشحاذ شهادة صادقة على ثبات الروح الإنسانية في مواجهة التحديات.
بذلك، تضيف هذه القصة صوتًا مؤثرًا في الأدب العربي الحديث يعكس الأبعاد النفسية، الوجودية، والإنسانية للإنسان المعاصر الذي أضناه العناء .قصة القصيرة بقدرتها على الاختزال، والتلميح؛ حيث يعتمد الكاتب على التركيز والدقة في اختيار المفردات، ودقة الوصف لإثارة الخيال وإيقاظ المشاعر، مع إيثار عنصر الغموض،والتخيل متمثلت في ترك النهايات مفتوحة رغبة في تحفيز القارئ على التأمل، والتدبر.
قراءة في قصة " الشحاذ " للأديب الدكتور سعيد محمد المنزلاوي:
اتكاء على ما أسلفنا بين يدي التقديم نبحر معك - أيها القارئ - بين دفتي المبتدأ، والنهاية لقصة "الشحاذ" للكاتب الدكتور سعيد محمد المنزلاوي
الذي نصرح بداية أنه استطاع بذكاء أن يقدم في قصته بداية من العنوان، ومرورا بالأحداث والتفاصيل صراعا داخليا يتلاطم بأمواج متتابعة من الآلام،والتأملات التي تعكس تأثيرها على القارئ فتدفعه لمشاركة الشحاذ مزاجه النفسي،وحالته الشعورية .
يقينا للوهلة الأولى، وأنت تطالع قصة "الشحاذ" لسعيد المنزلاوي، أو تشاهدها على مرآة ذاكرتك الواعية تجدها تصور بدقة،وعمق عجز،و معاناة الإنسان أمام فظاظة العيش، وقسوة الحياة وتكرار الفشل،وتجرع مرارات الإخفاقات رغم الجهد المستمر؛الأمر الذي يدفعك دقعا للشعور أن الكاتب يحدثك عن شخص تعرفه ولا تخطئه،وتتساءل في فتور،وعجب ربما كان هذا شخصا رأيته،أوعرفته وما المانع أن أكون أنا هو؟! .
فالكاتب ذكي مراوغ؛ إذ هو في قصته، ومع شحاذه، ومن رحم معاناته، وعبر الصراعات يذكرنا بحقيقة نرتشفها من بين عصارارات الإيحاءات هذه الحقيقة موجزها أن الحرية والكرامة أحيانًا تُختبر في قدرتنا على مواجهتنا اليومية للواقع ، وتجاوز التحديات القاهرة، ورغم قسوة العناء ، والتعب لا يقطع الكاتب لنا أملا نرجوه؛ أنه رغم ظلامات اليأس مازال الامل موجودا في فجر جديد.
وبتعمق تحليلي سريع للقصة من المنظور السردي
نجد أن قصة "الشحاذ" كتبت سردا بلغة تأملية داخلية، حيث البطل يعاني صراعًا نفسيًا مع واقعه المرير الجاثم فوق حلمه الحطام.
ويتهادى الحكي السردي متقطعا بين وصف الحاضر "الانتظار في القطار" و المونولوج الداخلي الذي يوحي حواره بتصارع الأفكار في ذهن الشحاذ.
ثم يغرر بك السرد فلا يسوق لك نهاية تأوي إليها ؛ بل يترك النهاية مفتوحة متخيلة محيرة مع وصول القطار وهو ما تعمده الكاتب في إشارة رمزية لتكرار المعاناة في ددواماتوهن يومية لا تنتهي.
وإذا تأملت الإيحاءات المستمدة من جوانب التحليل النفسي لوجدت
الشخصية تعالج حالة ما من الإحباط والشعور بالدونية، والانهزامية أمام واقع معاش،معادٍ وقاسٍ"الدنيا تخرج لسانها لك" الأمر الذي يصب معاناته في أتون من قهر،ووجع.
ونفسيا تتشعب الأفكار فيسلمك الشتات الذهني إلى تخيل انعكاسات الصراعات النفسية الداخلية بين الرغبة الجادة في التغيير والواقع الذي يُكبّل للروح فجملة "ألم قدميك" ما هي إلا رمز لمعاناة نفسية وجسدية متراكمة، و"الغفوة المثقلة بالنعاس" هي محض تعبير عن التعب المنهك،وعدم الثقة، ورسوخ التردد في مواجهة الحياة.
أغادر الآن القراءة النفسية لنقتحم الأفق الأدبي الرحيب في قصة " الشحاذ " ليذهب بك العجب كل مذهب وأنت تكتشف معي أن الكاتب يعبر عن مضمون قصته وكأنه ينظم قافية بأسلوب شعري أخاذ ولعل هذا بعض ما يتفرد به الطرح السردي القصصي عند سعيد المنزلاوي
كما تتلاحق الصور البلاغية واضحة ممتدة مؤثرة كما في نحو "الدنيا تخرج لسانها"، وكذلك في "تراصت بجمعها على الخوان بين يديك" في محاولات من الكاتب لإظهار الوجدان المتصارع عنفوانا وضعفا.
أما الحوار الداخلي للأفكار فهو يعبر عن الصراع الفكري والشعوري .
ولقد استطاع الكاتب أن يتفوق على نفسه حين يتناول الزمان،والمكان، فقد استخدم الزمن "الفجر، النهار الجديد" ليوحي بتكرار المعاناة والأمل المحبط في آن واحد تأكيدا لبشتات الروح.
ختاما نقول إن قصة "الشحاذ" للأديب الدكتورسعيد المنزلاوي تجسد بما لا يخفى صراع الإنسان مع واقعه القاسي بأسلوب شعوري تأملي، حيث تتلاحم الأفكار وتتشابك المشاعر في رحلة انتظار بلا انقطاع في محاولة من الكاتب لإبراز ما أسلفت وكشفت يره لك من حقيقة يقينية تقول كيف يبقى الأمل متجددًا رغم الإحباط وضغوط الحياة؟!، مما يجعل من قصة الشحاذ شهادة صادقة على ثبات الروح الإنسانية في مواجهة التحديات.
بذلك، تضيف هذه القصة صوتًا مؤثرًا في الأدب العربي الحديث يعكس الأبعاد النفسية، الوجودية، والإنسانية للإنسان المعاصر الذي أضناه العناء .
