الزكاة صمام الأمان.. ورشة عمل موسعة تضع رؤية شاملة لهيئة مستقلة تدير أموال الزكاة
كتبت - آية معتز صلاح الدين
عقدت مؤسسة رسالة السلام بالقاهرة أولى ورش العمل التمهيدية لمؤتمر "الزكاة ضرورة أمنية قصوى لحماية المجتمع من الاضطرابات"، وذلك بمقر المؤسسة، تنفيذًا لتوجيهات المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، صاحب الرؤية المتكاملة لأهمية الزكاة كأداة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة وصون الأمن الوطني.
الورشة التي حملت عنوان "الزكاة صمام أمان الأوطان"، شهدت حضورًا واسعًا من شخصيات أكاديمية وإعلامية ومجتمعية، وتناولت الزكاة من أبعادها الاقتصادية والنفسية والتنموية، مستندة إلى أفكار الأستاذ الشرفاء المستلهمة من آيات القرآن الكريم، والتي تؤكد أن نسبة الزكاة الحقيقية هي 20% من دخل المسلم، يجب إخراجها فورًا لدورها الجوهري في تحقيق التوازن المجتمعي.
أدار الورشة الدكتور معتز صلاح الدين، رئيس مجلس أمناء مؤسسة رسالة السلام بالقاهرة، الذي شدد في كلمته الافتتاحية على أن الزكاة ليست فقط عبادة، بل هي نظام إلهي متكامل يهدف إلى بناء مجتمعات آمنة ومستقرة. وأكد أن المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء يرى في الزكاة حاجزًا أمام الجماعات الإرهابية التي تستغل حاجة الفقراء للتجنيد والابتزاز.
وشهدت الورشة محاضرات ثرية، على رأسها كلمة الأستاذ الدكتور محمد الشوادفي، أستاذ الاستثمار والعميد السابق لكلية التجارة بجامعة الزقازيق، الذي تحدث عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية للزكاة، مؤكدًا أنها أداة فعالة لإعادة توزيع الدخل، وتخفيف البطالة، وتحفيز الاستثمار، ومعالجة مشكلات التضخم والعجز في الموازنة العامة. كما أكد ضرورة تخصيص موازنة مستقلة للزكاة وتأسيس هيئة رسمية تتولى إدارتها وفق نظام مالي وإداري محكم.
وأوضح الشوادفي أن الزكاة تُسهم في ترسيخ التضامن الاجتماعي، وتحقيق الأمن القومي، كما أن لها آثارًا نفسية عظيمة، تطهر النفس من حب المال، وتنمي السلوك التطوعي، وتدفع الناس نحو الإيثار والمسؤولية المجتمعية.
ومن زاوية علم النفس، تحدث الأستاذ الدكتور محمد المرصفي، رئيس قسم الصحة النفسية الأسبق بكلية التربية جامعة بني سويف، عن التأثير النفسي العميق للزكاة، مؤكدًا أنها تمنح المُزكي شعورًا بالرضا والسعادة، وتخفف من الأنانية، بينما يشعر متلقي الزكاة بالأمان والكرامة، مما يساهم في خفض الاضطرابات النفسية داخل المجتمع.
توالت بعد ذلك المداخلات التي أثرت النقاش، حيث أشار الدكتور عبد الراضي رضوان، نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة، إلى أن الورشة تمثل تمهيدًا نوعيًا للمؤتمر المقبل، وركز على أهمية توظيف الزكاة في تنمية رأس المال الوطني، مؤكدًا رؤية الأستاذ الشرفاء التي تضع الزكاة كأداة استراتيجية لبناء بيئة مجتمعية آمنة ومستقرة.
الدكتورة آمال نمر، عضو المجلس القومي للمرأة، سلطت الضوء على الدور الحيوي للمرأة في تعزيز ثقافة الزكاة داخل الأسرة، معتبرة أنها تزرع مفاهيم التكافل في الأجيال الجديدة، بينما أشار المحامي أحمد كمال إلى أن الزكاة تُعد حاجزًا دفاعيًا ضد تغلغل الجماعات المتطرفة في المجتمعات الفقيرة.
بدوره، شدد الكاتب الصحفي محمد الشنتناوي على ضرورة تعميم رؤية المفكر علي الشرفاء بشأن إخراج الزكاة بنسبة 20% كما وردت في النصوص القرآنية، داعيًا إلى تجاوز النظرة الموسمية الضيقة لفريضة الزكاة، وجعلها قاعدة مستدامة لتنمية المجتمعات.
الكاتبة ابتهال عبد الوهاب أثنت على كتاب الأستاذ الشرفاء "الزكاة صدقة وقرض حسن"، واعتبرته مشروعًا حضاريًا وتنمويًا متكاملًا، مؤكدة ضرورة إنشاء هيئة مستقلة لإدارة أموال الزكاة، بينما اعتبر الكاتب محمد مصطفى أن الزكاة يمكن أن تشكل حاجزًا منيعًا ضد الجماعات المتطرفة، التي تستغل الحاجات الاقتصادية في تجنيد الأتباع.
خبيرة التنمية البشرية الدكتورة هالة سكر لفتت إلى أن أداء الزكاة يرتبط بالضمير ويمثل قيمة إنسانية راقية، مشيدة برؤية الأستاذ الشرفاء القائمة على تدبر القرآن والعودة إلى أصول التشريع. كما تحدث الكاتب عاطف زايد عن ضرورة وجود هيئة رشيدة تدير أموال الزكاة، بدلًا من تركها في أيدي بعض الجمعيات التي لا تصرف منها سوى نسبة ضئيلة للمحتاجين.
أما الكاتب الصحفي كامل كامل، فأكد ضرورة توعية الناس بالنسبة الحقيقية للزكاة، التي أكدها القرآن وحددها المفكر الشرفاء بـ20%، في حين أشار الكاتب هشام النجار إلى أهمية الفهم الصحيح للنصوص القرآنية، مشددًا على أن اجتزاء النصوص هو سبب الفهم المغلوط الحالي للزكاة.
وتحدث الكاتب محمد فتحي الشريف عن دور الزكاة في صون كرامة الفقراء وتحقيق التماسك المجتمعي، بينما دعت أميمة رمضان، خبيرة قضايا الطفولة، إلى إدخال مفاهيم الزكاة في المناهج التعليمية لترسيخها في أذهان الأجيال منذ الطفولة.
وفي ختام الورشة، تلا الدكتور معتز صلاح الدين التوصيات، والتي كان أبرزها:
* ضرورة إنشاء هيئة رئيسية مستقلة لإدارة أموال الزكاة بموجب تشريع واضح، وتكوين مجلس إدارتها وهيكلها التنظيمي بما يضمن الكفاءة والشفافية.
* الدعوة إلى أداء الزكاة وفقًا لما ورد في القرآن الكريم، لتكون أداة لضبط التوازن المجتمعي وصمام أمان حقيقي للأوطان.
* التوصية بتطبيق التحول الرقمي والشمول المالي في إدارة أموال الزكاة، واعتماد قاعدة بيانات وطنية دقيقة.
* التأكيد على الأثر النفسي والاجتماعي العميق للزكاة، سواء على دافعها أو مستحقيها، بما يرسخ قيم الأمان والتكافل داخل المجتمع.
الورشة كانت بداية قوية لسلسلة فعاليات ومؤتمرات مرتقبة تنظمها مؤسسة رسالة السلام، تؤسس لمرحلة جديدة من الفهم الشامل للزكاة كفريضة تنموية قبل أن تكون شعيرة دينية، في ضوء رؤية تقدمية شاملة يقودها المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي.
