طلعت الفاوي يكتب: أحسنوا الاختيار
أيام قليلة وتبدأ انتخابات مجلس النواب، الحدث الأهم في المشهد السياسي المصري خلال هذه الفترة، حيث تتوجه أنظار الجميع نحو صناديق الاقتراع لاختيار من سيمثلهم تحت قبة البرلمان في الدورة المقبلة. وهنا، على كل ناخب أن يدرك جيدًا أن الصوت الذي سيمنحه اليوم سيُترجم غدًا إلى نائب يمثله ويتحدث باسمه ويشرّع القوانين التي تمس حياته اليومية ومستقبل أبنائه.
إن عضو مجلس النواب ليس مجرد شخصية عامة أو صاحب وجاهة اجتماعية، بل هو المشرّع والمراقب، الذي تقع على عاتقه مسؤولية صياغة القوانين الجديدة وتعديل القوانين القديمة أو إلغائها بما يخدم الصالح العام. كما أنه الرقيب على أداء الحكومة من خلال أدواته البرلمانية، كالاستجواب وطلبات الإحاطة والسؤال، لمحاسبة كل مسؤول تنفيذي يقصّر في أداء واجبه تجاه الوطن والمواطن.
ومن هنا، يصبح واجب كل ناخب أن يحسن الاختيار، لأن صوته أمانة أمام الله والوطن. فاختيار المرشح لا يجب أن يكون عاطفياً أو مبنياً على مصالح شخصية أو وعود آنية، بل يجب أن يكون مبنيًا على الوعي والمعرفة، وأن يختار من يمتلك الفكر المستنير والثقافة الواسعة والإلمام بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخليًا وخارجيًا.
على الناخب أن يبحث ويدقق في ماضي المرشح قبل أن يمنحه صوته، وأن يتأكد من نزاهته وطهارة يده، وأن يعرف مصادر ثروته إن كان من أصحاب الأموال، وأن يتجنب التصويت لمن تحوم حوله شبهات فساد أو من يسعى إلى تحقيق مكاسب خاصة من وراء المنصب.
كما يجب أن يكون المرشح قد عاش بين أبناء دائرته لسنوات، ملمًا بمشكلاتهم، قريبًا من نبض الشارع، مدركًا لاحتياجات الناس وآلامهم، لا أن يكون ضيفًا طارئًا يظهر فقط في موسم الانتخابات.
فعضوية مجلس النواب ليست تشريفًا بل تكليف ومسؤولية وطنية كبرى، تتطلب من النائب أن يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، وأن يكون صوته دائمًا للحق، مدافعًا عن العدالة، داعمًا لكل ما يحقق استقرار الوطن وتقدمه.
إننا في مرحلة دقيقة من عمر الوطن، تتطلب وعيًا شعبيًا وحسن اختيار من الجميع. فاختيار نائب قوي أمين يعني برلمانًا قويًا قادرًا على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وحماية الدولة من أي تهديدات، وتدعيم جهود القيادة السياسية في بناء الجمهورية الجديدة.
إن الاختيار الواعي والمسؤول هو الطريق نحو مجلس قادر على أن يكون درعًا واقيًا لمصر في وجه كل من يحاول النيل من أمنها واستقرارها، وأن يكون سندًا لرئيس الدولة، وصوتًا صادقًا للمواطن أمام الحكومة.
لذلك، فلنحسن الاختيار... لأن مستقبل الوطن يبدأ من صوتٍ في صندوق.
