التربية الأخلاقية في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي.. صديق عفيفي يؤكد: لا علم بلا أخلاق
كتبت - آية معتز صلاح الدين
شهدت أكاديمية طيبة بالمعادي فعاليات المؤتمر العلمي الدولي للمجلس العربي للتربية الأخلاقية بالتعاون مع أكاديمية طيبة والجمعية العربية للقياس والتقويم، تحت عنوان «القيم والأخلاق بين التعليم والذكاء الاصطناعي»، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين من مصر وعدد من الدول العربية.
ترأس المؤتمر الأستاذ الدكتور صديق عفيفي، رئيس المجلس العربي للتربية الأخلاقية ورئيس مجلس إدارة أكاديمية طيبة، الذي أكد في كلمته أن التربية الأخلاقية تمثل ركيزة أساسية في العملية التعليمية، مشيرًا إلى أن المجلس الذي أسسه منذ عشرين عامًا يسعى لترسيخ هذا المفهوم في العالم العربي. وأضاف أن نظام التعليم في أكاديمية طيبة منذ إنشائها عام 1995 يعتمد على دمج الأخلاق ضمن المناهج الدراسية، إيمانًا بأن العلم لا يكتمل إلا بالأخلاق، وأن التربية الأخلاقية سلوك يُمارس لا شعار يُرفع.
وشدد الدكتور صديق عفيفي على أن المجلس العربي للتربية الأخلاقية يواصل أداء رسالته في نشر الوعي بالقيم السامية في مصر والعالم العربي، مؤكدًا أن بناء الإنسان يبدأ من ترسيخ الأخلاق قبل المعرفة، لأن العلم بلا قيم قد يتحول إلى أداة خطر على الإنسانية.
حضر المؤتمر عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم الأستاذ الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم السابق ورئيس جامعة الريادة، والأستاذ الدكتور أسامة فخري الجندي وكيل وزارة الأوقاف، والأستاذة الدكتورة حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة، والأستاذة الدكتورة راندا حسن عميدة معهد طيبة العالي للهندسة، والأستاذة الدكتورة سوزان حسن أبو العينين عميدة معهد طيبة العالي للحاسب والعلوم الإدارية، إلى جانب عدد كبير من الأساتذة والباحثين من مصر والدول العربية.
وأكد الدكتور رضا حجازي في كلمته بعنوان «نحو تعليم إنساني متوازن» أن التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة، بل هو منظومة متكاملة تستهدف غرس القيم وبناء الإنسان، محذرًا من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي الذي قد يضعف مهارات التفكير والإبداع لدى الطلاب. ودعا إلى تحقيق توازن بين التكنولوجيا والقيم الإنسانية لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة تطوير لا بديلاً عن الإنسان.
كما أشار الدكتور أسامة فخري الجندي إلى ضرورة وضع إطار أخلاقي يحكم التعامل مع الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن التجارب التي تتجاهل القيم الإنسانية تنتهي دائمًا بنتائج مأساوية، فيما شددت الدكتورة راندا حسن على أهمية توجيه استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، داعية الشباب إلى عدم الاعتماد الكامل على البرامج الذكية في إعداد الدراسات العلمية، بل توظيفها كمساعد في التفكير والابتكار.
من جانبها، أكدت الدكتورة حنان موسى أن وزارة الثقافة تولي اهتمامًا بالغًا بنشر القيم الأخلاقية وتعزيز الهوية الوطنية، مشيرة إلى أن هيئة قصور الثقافة تضم 92 مركزًا تكنولوجيًا تقدم برامج توعوية عن الرقمنة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب مبادرات لدعم المرأة والشباب من خلال المنصات الرقمية.
وتحدث الأستاذ الدكتور شعبان كفافي مؤكدًا أن الأخلاق هي أساس بناء الإنسان، مستشهدًا بقوله تعالى في وصف الرسول الكريم: «وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم»، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين يتطلب ضبطه بمنظومة قيمية تحمي المجتمع من مخاطره.
وشهد المؤتمر مشاركة عربية واسعة، حيث قدّم باحثون من السعودية وقطر والجزائر وسلطنة عمان وسوريا وفلسطين وأساتذة من مصر أوراق عمل تناولت العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتعليم والقيم الأخلاقية، من بينها ورقة حول «التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي بين التلقين وفقدان التعددية الفكرية»، وأخرى عن «الاحتراق القيمي في بيئات التعليم العالي المعززة بالذكاء الاصطناعي».
واختتم المؤتمر جلساته برئاسة الدكتور محمد المري، مقرر عام المؤتمر، الذي أوضح أن فعاليات المؤتمر تهدف إلى إطلاق حملة وطنية لتعزيز القيم في التعليم، وبناء الوعي المجتمعي بأهمية الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية وريادة الأعمال، مع التركيز على وضع ضوابط أخلاقية لاستخدامه في المؤسسات التعليمية.
وأكد المشاركون في توصياتهم أن التربية الأخلاقية تظل حجر الأساس في بناء الأجيال القادرة على توظيف العلم لخدمة الإنسانية، وأن الذكاء الاصطناعي مهما تطور سيبقى بحاجة إلى ضمير إنساني يوجهه نحو الخير والإبداع.




