recent
أخبار ساخنة

الدكتورة حسينة عزام "الحرية مسئولية والتزام"

الدكتورة حسينة عزام "الحرية مسؤولية  والتزام "


متابعة. طارق أبو حطب 



حين تُصبح الكلمة أمانة، والرأي التزامًا في عالمٍ يموج بالتغيرات، ويضجّ بالأصوات، تبقى الحرية واحدة من أسمى القيم التي ينشدها الإنسان منذ فجر التاريخ


 لكنها ليست شعارًا يُرفع في الهتافات، ولا مطلبًا يُنادى به في الفراغ فالحرية الحقيقية هي التزام ومسؤولية، وليست خلعًا للقيود أو تجاوزًا للثوابت.



فأن تكون حرًّا لا يعني ذلك أن تفعل ما تشاء، بل أن تفعل ما يجب، بما يليق بكرامة الإنسان، ويحفظ تماسك المجتمع، ويصون القيم التي تحمينا جميعًا من الانفلات الأخلاقي والاضطراب الفكري.



 فالحرية التي تنطلق بلا ضوابط، تتحوّل إلى فوضى، والحق الذي لا يُحاط بالواجب، يُولد باطلًا.



 حرية بلا وعي... كالسفينة بلا شراع والوعي لا يُصاغ إلا بالقيم والمعرفة والانضباط



إن التعبير عن الرأي، وممارسة الفكر، واتخاذ القرار، كلها حقوق مشروعة، لكنها لا تكتمل إلا حين يرتبط الحق بالاحترام، ويندمج الصوت بالمسؤولية. فكم من كلمات حرّة صارت معولا يهدم، لا قلمًا يبني! 



وكم من حرية رأي انزلقت إلى مهاوي الكراهية والتجريح لأنها افتقدت لروح الالتزام الأخلاقي!



إن المجتمعات لا تنهض،  ولا تشيد حضاراتها بالحرية وحدها، بل بثقافة ممارسة الحرية، وهذا ما يجب أن يُربّى عليه النشء، وتُصاغ على أساسه المناهج، وتُنظّم بمقتضاه الخطابات الإعلامية والسياسية والاجتماعية.



 الأزهر الشريف... منارة الوسطية وحارس الحرية المسؤولة 



الأزهر الشريف بفكره وعلمائه ونناهجه هو ضمير الأمة ومُرشدها حين تختلط المفاهيم



ففي ظل هذا الزخم من الشعارات والمفاهيم المتضاربة، يظل الأزهر الشريف صامدًا كمنارة للفكر الرشيد، وقلعة للعلم الوسطي، يُعيد الأمور إلى نصابها، ويوازن بين الحقوق والواجبات، ويؤكد أن الحرية في الإسلام فريضة لا فوضى، وكرامة لا تجاوز.



ولطالما شدّد الأزهر، في خطابه ومناهجه، على أن حرية الإنسان مقرونة بمسؤوليته تجاه مجتمعه، وأن حرية التعبير لا تعني الاعتداء على الثوابت أو ازدراء الآخر.


 فالإسلام دين يحترم حرية الضمير والعقيدة، لكنه يرفض الإساءة تحت ستار الحرية.



وقد عبّر عن هذه الرؤية بكل وضوح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حين قال:


"الحرية في الإسلام ليست خلعًا للقيود، ولا تمردًا على القيم، بل هي التزام بالحق، ومسؤولية أمام الله والمجتمع والضمير."



ما أجلها من كلمات تختصر فلسفة الأزهر في رؤيته للحرية: أن تكون متزنًا في حقك، واعيًا في خطابك، راشدًا في مطالبك.



 الكلمة أمانة... فلا تجعلوها نارًا تحرق 


لنعلم أبناؤنا أن الحرية تبدأ من الداخل وتنتهي بالاحترام



وعلينا اليوم أن نعيد بناء مفهوم الحرية في أذهان الأجيال، لا كرفاهية، بل كأمانة ومسؤولية. أن نعلّمهم أن الحرية لا تعني كسر القواعد، بل التفوق في فهمها وتطويرها، و أن نغرس فيهم الوعي بأن أقوى صور الحرية هي تلك التي تُمارَس بأخلاق، وتحيا بالانضباط، وتثمر عدلًا وسلامًا.



فالحرية المسؤولة ليست خيارًا، بل ضرورة أخلاقية وفكرية لبناء مجتمع متماسك، لا تذروه رياح الفوضى، ولا تشتته شعارات زائفة.



 في الختام:


الحرية الحقيقية لا تُقاس بما تأخذه، بل بما تُقدّمه من احترام والتزام وبناء.

الدكتورة حسينة عزام "الحرية مسئولية والتزام"
دكتور طارق عتريس أبو حطب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent