كازاخستان تعيد رسم خريطة تحالفاتها بانضمامها إلى اتفاقيات إبراهيم بعد 33 عامًا من العلاقات مع إسرائيل
في خطوة تحمل دلالات سياسية واقتصادية واسعة، أعلنت كازاخستان رسميًا نيتها الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، لتكون أحدث دولة تلتحق بمبادرة التطبيع التي أطلقت فصلًا جديدًا في العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. ويأتي هذا الإعلان بعد أكثر من ثلاثة عقود من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أستانا وتل أبيب، في مؤشر واضح على رغبة الدولة الآسيوية في تعزيز موقعها ضمن منظومة التحالفات الإقليمية الجديدة.
البيان الرسمي الصادر عن حكومة كازاخستان أكد أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا لنهجها القائم على الحوار والتفاهم المتبادل ودعم الاستقرار الإقليمي، فيما ربط مراقبون بين الإعلان ولقاء مرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع عدد من زعماء دول آسيا الوسطى، وسط توقعات بأن يكون الانضمام جزءًا من تحركات أمريكية لإعادة إحياء المبادرة الدبلوماسية.
العلاقات بين كازاخستان وإسرائيل تمتد إلى عام 1992، حين بادرت الدولة حديثة الاستقلال آنذاك إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، لتكون من أوائل دول آسيا الوسطى التي اتخذت تلك الخطوة. ومنذ ذلك الحين، شهد التعاون بين البلدين تطورًا متسارعًا في مجالات الزراعة والتجارة والتكنولوجيا والطاقة، كما تبادل الجانبان الزيارات الرسمية على أعلى المستويات.
ومن أبرز محطات التعاون التاريخية زيارة رئيس وزراء كازاخستان سيرجي تيريشنكو إلى إسرائيل عام 1992، أعقبها عام 1995 زيارة الرئيس نور سلطان نزارباييف التي مهدت لافتتاح أول سفارة كازاخية في تل أبيب. وفي المقابل، شهد عام 2009 زيارة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى العاصمة أستانا على رأس وفد ضم عددًا من الوزراء ورجال الأعمال، وأسفرت الزيارة عن اتفاقيات جديدة عززت التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
ويرى محللون أن خطوة كازاخستان نحو الانضمام لاتفاقيات إبراهيم تعكس تطورًا في سياستها الخارجية، حيث تسعى الدولة الغنية بالموارد الطبيعية إلى لعب دور متوازن بين الشرق والغرب، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي بين روسيا والصين والعالم العربي.
أما من الجانب الأمريكي، فقد اعتبرت إدارة ترامب انضمام كازاخستان — ذات الأغلبية المسلمة — إضافةً نوعية للمبادرة التي واجهت تحديات كبرى خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد التوترات التي شهدتها المنطقة. ونقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مسؤول أمريكي قوله إن انضمام أستانا يمثل «بصيص أمل جديد» لإعادة الزخم إلى مسار اتفاقيات إبراهيم، مؤكدة أن واشنطن تنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها فرصة لتوسيع نطاق السلام الإقليمي وتعزيز التواصل بين شعوب المنطقة.
وبذلك تدخل كازاخستان مرحلة جديدة من سياستها الخارجية بعد 33 عامًا من الشراكة المتواصلة مع إسرائيل، في مسار يعكس طموحها لترسيخ مكانتها كدولة محورية في التوازنات الجيوسياسية لمنطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
