مفتي الجمهورية في ضيافة جامعة دمياط: دعوة لترسيخ الوعي الديني ومواجهة الشائعات بالفكر المستنير
كتب - حسن سليم
في إطار رسالتها التنويرية ودورها الرائد في بناء الوعي الديني والفكري لدى طلابها، استضافت جامعة دمياط فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في ندوة علمية موسعة بعنوان *بين الحقيقة والبهتان.. رؤية شرعية في مواجهة الادعاءات الكاذبة*، والتي نظمها قطاع شؤون التعليم والطلاب تحت رعاية الأستاذ الدكتور حمدان ربيع المتولي رئيس الجامعة، وإشراف الأستاذ الدكتور محمد عبده عماشة نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، وذلك بقاعة فاروق شوشة بالجامعة.
شهدت الندوة حضورًا رفيع المستوى تقدمه المهندسة شيماء الصديق نائب محافظ دمياط، وعدد من القيادات التنفيذية والدينية والعلمية، من بينهم الأستاذ الدكتور محمد عبد الحميد شهاب نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والعميد محمد مصطفى خليفة المستشار العسكري لمحافظة دمياط، وعدد من رؤساء الجامعة السابقين، إلى جانب عمداء الكليات ووكلائها وأعضاء هيئة التدريس وطلاب الجامعة.
استُهلت الفعاليات بعزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية، تلاه تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم بصوت الأستاذ الدكتور نبيل مبروك وكيل كلية الآثار لشؤون الدراسات العليا والبحوث، لتبدأ بعدها سلسلة من الكلمات التي أكدت على أهمية الوعي والتنوير في مواجهة التضليل والشائعات.
أكد الأستاذ الدكتور محمد عبد الحميد شهاب، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا، في كلمته أن هذا اللقاء يأتي في وقت تتعاظم فيه الحاجة إلى ترسيخ قيم الصدق والموضوعية، مشددًا على أن جامعة دمياط تعمل دائمًا على الربط بين الفكر الديني والعلمي في إطار رسالتها لتكوين طالب واعٍ قادر على التمييز بين الحق والباطل ومواجهة الفكر المتطرف بالفهم السليم للدين والعقل.
من جانبه، رحب الأستاذ الدكتور محمد عبده عماشة نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، بفضيلة المفتي وبالحضور الكريم، مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى من خلال هذه الندوات إلى بناء وعي متوازن لدى الشباب ودعم الفكر الوسطي المستنير الذي يمثل جوهر الرسالة الإسلامية الصحيحة. وأكد أن الحوار والتفكير النقدي هما الأساس في تكوين جيل منفتح على العلم والدين معًا.
كما أعربت المهندسة شيماء الصديق نائب محافظ دمياط عن تقديرها الكبير لدور الجامعة في نشر الوعي بين الشباب، مؤكدة أن الشباب المصري يمثل درع الوطن وسياجه الأول ضد الشائعات والأفكار المغلوطة. وأشارت إلى أن مثل هذه الندوات تعكس التعاون البنّاء بين مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات الفكرية والمجتمعية.
وخلال كلمته، تناول فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفهوم الحقيقة في الإسلام، موضحًا أن الصدق هو أساس استقامة المجتمع، وأن الإسلام جعل الكلمة مسؤولية عظيمة أمام الله والناس، فهي قد تبني أمة وقد تهدمها إذا استُخدمت بغير علم أو وعي. وأشار إلى أن الشائعات والبهتان تعد من أخطر الأسلحة التي تستهدف المجتمعات من الداخل، داعيًا الشباب إلى تحري الدقة والتثبت قبل تداول أي خبر أو معلومة.
وأوضح فضيلته أن مواجهة الادعاءات الكاذبة تبدأ من النفس، وأن كل إنسان مسؤول عن وعيه وإدراكه، فالإسلام يحث على التفكير السليم والمراجعة قبل الحكم، مضيفًا أن الكلمة الطيبة هي التي تبني والعلم الصحيح هو السلاح الذي يواجه التضليل.
وتحدث المفتي عن أهمية بناء الوعي الديني الصحيح باعتباره حجر الأساس في تحقيق الأمن الفكري والمجتمعي، لافتًا إلى أن الجهل بالدين هو الباب الذي يتسلل منه التطرف والشائعات، بينما العلم والمعرفة هما الدرع الواقي الذي يحمي العقول من الانسياق وراء الأكاذيب.
كما أكد فضيلته أن الشباب هم قادة المستقبل، وأن وعيهم هو الخط الدفاعي الأول عن الوطن، داعيًا طلاب الجامعة إلى أن يكونوا قدوة في الالتزام بالقيم الدينية والوطنية، وأن يسهموا بفكرهم الناضج في بناء مجتمع متماسك قائم على الحوار والاحترام المتبادل.
وفي تصريح خاص، أعرب الأستاذ الدكتور حمدان ربيع المتولي، رئيس جامعة دمياط، عن سعادته البالغة باستضافة مفتي الجمهورية، مثمنًا مشاركته القيمة التي أضافت بعدًا علميًا ودينيًا متميزًا للندوة. وأكد أن الجامعة ستواصل دورها كمؤسسة تنويرية تهدف إلى بناء الإنسان المصري الواعي والمثقف، الذي يجمع بين الإيمان والعلم في خدمة وطنه.
وشهدت الندوة حوارًا مفتوحًا بين فضيلة المفتي والطلاب، تناول العديد من القضايا الفكرية المعاصرة المتعلقة بالشائعات ووسائل التواصل الاجتماعي ودور الإعلام في نشر الوعي. وتفاعل الطلاب مع النقاشات بطرح تساؤلات عكست وعيًا متناميًا ورغبة حقيقية في الفهم والتعمق، فيما أجاب المفتي على استفساراتهم بلغة بسيطة وهادئة تبرز روح التسامح والفكر الوسطي للإسلام.
وفي ختام الفعاليات، أهدت جامعة دمياط درع التميز لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد تقديرًا لجهوده في نشر الفكر المستنير، ودوره الرائد في دعم الحوار الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة. وقد عبّر فضيلته عن شكره واعتزازه بهذه اللفتة الكريمة، مشيدًا برسالة الجامعة التنويرية وإسهامها في إعداد جيل واعٍ قادر على التمييز بين الحقيقة والزيف.
وأكد رئيس الجامعة أن جامعة دمياط ستظل منارة علم وفكر، تنشر قيم الاعتدال والتسامح، وتدعم جهود الدولة في بناء الإنسان المصري المتسلح بالمعرفة والوعي الوطني، مشيرًا إلى أن مثل هذه اللقاءات تمثل جسرًا متينًا بين المؤسسات الدينية والعلمية من أجل تعزيز الوعي المجتمعي وترسيخ قيم الانتماء والولاء للوطن.
وبذلك، خرجت الندوة برسالة واضحة مفادها أن الكلمة الصادقة والفكر المستنير هما الركيزة الأساسية لبناء المجتمع، وأن مواجهة الأكاذيب لا تكون إلا بالعلم والوعي، ليبقى الشباب المصري دائمًا في طليعة من يحملون راية الحقيقة في وجه البهتان.




