recent
أخبار ساخنة

شموخ القياصرة: لماذا لا تسقط القلاع وإن حاصرها الرعاع؟

 

شموخ القياصرة: لماذا لا تسقط القلاع وإن حاصرها الرعاع؟

شموخ القياصرة: لماذا لا تسقط القلاع وإن حاصرها الرعاع؟


بقلم: حاتم السعداوي

في دستور النفس البشرية، هناك نوع من الرجال خُلقوا من طينة الرفعة، وسُقوا بماء العزة، حتى صار النبل فيهم طبعاً لا تطبُّعاً. هذا "الإنسان الملكي" ليس من يرتدي التاج ذهباً، بل من يحمله في روحه صوناً وكرامة. هو ذاك الذي يمتلك أصولاً تمتد جذورها في أعماق الشرف، حتى إذا ما عصفت به رياح الزمان أو مرّ بلحظة ضعف إنساني، ظنّ الصغار أنها فرصتهم للانقضاض.


وحين يمر السيد بلحظة انكسار عابرة، تخرج "الجوارح" من مخابئها، أولئك الذين عاشوا طويلاً في ظلاله، يقتاتون على ما يفيض من كرمه. يحاولون تشويه سمعته، والنيل من تاريخه الناصع، متوهمين أن المال هو الميزان الوحيد للسيادة.

يقولون "سقط" لأنه فقد المال، ولا يعلمون أن المال في يد الكريم وسيلة، وفي يد اللئيم غاية تُعبد. هم يتشدقون بالشرف في العلن، بينما بيوتهم قائمة على سحت الربا، ذلك الوحيد الذي يسحق البركة ويُهلك الحرث والنسل، وما دروا أن ما يأكلونه هو الذي سيسقط بهم في درك الهوان، فالله يمهل ولا يهمل، ويمحق الربا ويربي الصدقات.


إن السيد، بأصله النبيل وتربيته الرفيعة، يعامل هؤلاء ليس بما يستحقونه هم، بل بما يليق به هو. يترفع عن النزول إلى مستنقعهم، ويواجه قبحهم بجمال صمته، وخيانتهم بوفائه لمبادئه. هو يعلم يقيناً أن العزة والكرامة هما أكسجين الحياة، ومن فقدهما عاش ميتاً وإن ملك كنوز الأرض.

لقد لُقّن هذا الإنسان القوي دروساً قاسية من الماضي، صهرته التجارب حتى صار صلباً لا ينكسر. لقد تعلم أن لا يلدغ من جحر مرتين، وقرر بوعي كامل أن يترك البقايا للكلاب، فالعقاب الحقيقي لمن غدر هو الإهمال، وتركهم ينهشون في فتات الموائد التي لم يعد له رغبة في الجلوس عليها.

وأن السمو فوق المؤامرات فهو يعلم جيداً ما يحاكونه في الخفاء، ويرى مكرهم بوضوح، لكنه يتركهم لغيهم، ولذهبهم "الموحل" بزيف النفوس.


فالإنسان الذي يستمد قوته من الله، ومن طهارة أصله، لا بد أن يشرق فجره من جديد. وبإذن الله، ستمضي هذه الغمة، وسيرتقي هذا الإنسان إلى مكانة عالمية تليق باسمه وتاريخه، ليس بالمال الذي يقدسه العبيد، بل بالهيبة التي يضعها الله للمخلصين.


وسيظل "الملكي بطبعه" منارة، وسيبقى أولئك الذين حاولوا تشويهه مجرد هوامش في كتاب مجده، غارقين في وحل أفعالهم، بينما يحلق هو في سماء العزة، حيث لا يصل إلا الأحرار.

google-playkhamsatmostaqltradent