أمسية ثقافية لتأمل إرث العالم الراحل أحمد شوقي
كتب - هاني الزنط
أقيمت مساء الأحد 21 ديسمبر 2025 بقاعة المجلس الأعلى للثقافة أمسية ثقافية بعنوان "في محبة العالم الجليل الراحل الأستاذ الدكتور أحمد شوقي"، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وبإشراف الدكتور أشرف العزازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة. أدار الأمسية الأستاذ الدكتور حامد عيد، عضو المجلس الأعلى للثقافة، وشارك فيها نخبة من المفكرين والعلماء، بينهم الكاتب الصحفي صلاح سالم، والأستاذ الدكتور محمد رؤوف حامد، والأستاذ الدكتور محمد زكي عويس، والأستاذة الدكتورة يمنى الخولي.
استهل الدكتور صلاح سالم الحديث مستعرضًا مسيرة الراحل، مؤكدًا أن أحمد شوقي عاش حياته الأكاديمية مدافعًا عن فكرة وحدة الثقافتين التي صاغها تشارلز بيرسي سنو، معتبراً أن المثقف الكامل يجمع بين التخصص الدقيق في مجاله العلمي أو الإنساني والاطلاع العام على تطورات الآخر، بما يوسع أفق الفكر ويحول دون الانغلاق على بعد واحد. وقد جسّد شوقي هذه الرؤية، فإلى جانب تخصصه في الوراثة الميكروبية، امتلك ثقافة إنسانية واسعة، دفعته للتفاعل الخلّاق بين العلم والأدب، وتشجيع صديقه الدكتور مصطفى فهمي على ترجمة كتاب "الثقافتان" إلى العربية، ليصدر عن المشروع القومي للترجمة عام 2010.
من جانبه، أكد الدكتور محمد زكي عويس أن أحمد شوقي كان مثالًا للعالم الموسوعي الذي آمن بتكامل العلوم وكسر الحواجز بين التخصصات، معتبراً أن هذا النهج هو السبيل الحقيقي لتقدم البحث العلمي. وأشار إلى أن شوقي لم يكن مجرد أستاذ للوراثة، بل كان رسول معرفة جعل الإنسان بكل أبعاده محورًا لكل بحث ومشروع، مبتكرًا طرقًا لتبسيط المعارف للأطفال، ونشر الثقافة العلمية في القرى والنجوع، مؤمنًا بأن العلم هو جسر للسلام والتقدم وأن الإنسان بضميره الحي قادر على توجيه التكنولوجيا لخدمة الخير والبشرية.
وفي ختام حديثه، أشار الدكتور عويس إلى أن إرث شوقي العلمي والإنساني مستمر، وأن دوره اليوم هو حمل المشعل ونقل قيمه للأجيال القادمة، مؤكداً أن ما تركه الراحل ليس مجرد كتب وأبحاث، بل حياة كاملة مليئة بالمحبة والفكر والإبداع.
وتناولت الأستاذة الدكتورة يمنى الخولي في كلمتها القيمة الفكرية لمشروع أحمد شوقي، مسلطة الضوء على وعيه العميق بفلسفة العلم ودوره في تشكيل العقل المعاصر، مؤكدة أن دعوته لوحدة الثقافتين أسهمت في تجديد الخطاب الثقافي والعلمي ومنحت الثقافة العربية أفقًا حداثيًا يتجاوز الانغلاق والتقليدية، مشيدة بما أحاطها به من دعم وعطاء ومحبة وهدوء، معبرة عن تقديرها لأسرته الكريمة ومكانتهم الرفيعة في وجدانها.
أما الدكتور محمد رؤوف حامد، فتحدث عن تجربة شوقي الحياتية، مشيراً إلى تميزه في البحث والتدريس وبناء أجيال من الباحثين القادرين على التفكير النقدي، والعمل بروح علمية منفتحة تجمع بين الدقة والخيال. واستعرض رؤوف حامد احترام شوقي العميق لمنهج العمل والالتزام بالمعايير العلمية والأخلاقية، ومرونته في مراجعة الآراء دون فقدان الاحترام المتبادل، وحرصه على إشراك الآخرين في المشروعات البحثية والمطبوعات العلمية، مما جعله نموذجًا نادرًا للمثقف العلمي المتوازن.
وأشار الدكتور محمد رؤوف حامد إلى قدرته على التعامل بهدوء وحكمة مع المواقف الصعبة والتحديات، محافظًا على كرامته ومبادئه، واستغلال الظروف لتطوير مشاريعه العلمية والإبداعية، مما منح شوقي مكانة فريدة بين زملائه، مؤكدًا أن إنجازاته ووجوده بيننا يشكل الجائزة الكبرى للوطن بأسره، رغم عدم حصوله على جوائز كبيرة خلال حياته.
الأمسية أضاءت إرث العالم الراحل أحمد شوقي، مذكّرة الجميع بأن العلم والإنسانية لا ينفصلان، وأن الطريق الذي رسمه للأجيال القادمة قائم على المعرفة، القيم، والمحبة الصافية التي لا تنطفئ.

