recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الختان ( الجزء الثانى )

 ماذا تعرف عن الختان ( الجزء الثانى )



بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الحديث فى الجزء الثانى عن الطهاره والختان، وإن الإسلام هو دين الطهارة بأوسع معانيها ونظافة العقيدة هى بلا شك، هى من الخرافات، ونظافة الأخلاق من الرذائل والمنكرات، ونظافة اللسان من الفحش والكفر والشتم، ونظافة القلم من الكذب والطغيان والفجور والضلال، ونظافة الجسد والثياب من الأوساخ، ونظافة المسجد، ونظافة الطريق، ونظافة البيت وفناء الدار، ونظافة سائر جوانب الحياة التي يستخدمها الإنسان في ليله ونهاره، حتى يبدو المسلم كأنه شامة بين الناس، فعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأان، أو تملأ، ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " رواه مسلم.

ولقد جاء ذلك مفصلا في رواية أخرى أن أم عطيه رضى الله عنها حيث تقول " إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجوارى، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لها " يا أم حبيبة هل الذى كان في يدك، هو في يدك اليوم"، فقالت: نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراماً فتنهانى عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بل هو حلال، فادني منى حتى أعلمك"، فدنت منه، فقال: "يا أم حبيبة، إذا أنت فعلت فلا تنهكى، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج"، ومعنى: "لا تنهكي" لا تبالغي في القطع والخفض، ويؤكد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " يا نساء الأنصار اختفضن أى اختتن، ولا تنهكن" ألا تبالغن في الخفاض، وهذا الحديث جاء مرفوعا.

وقد قيل برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى ختان النساء ونهيه عن الاستئصال، وقد علل هذا في إيجاز وإعجاز، حيث أوتى جوامع الكلم فقال: " فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج" وهذا التوجيه النبوى إنما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول، لضبط الاشتهاء، والإبقاء على لذات النساء، واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحسن واستئصاله، وبذلك يكون الاعتدال فلم يعدم المرأة مصدر الاستمتاع والاستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الاستهتار، وعدم القدرة على التحكم في نفسها عند الإثارة، لما كان ذلك كان المستفاد من النصوص الشرعية، ومن أقوال الفقهاء على النحو المبين والثابت في كتب السنة والفقة.

وهو أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الالتزام بها على ما يشير إليه تعليم رسول الله كيفية الختان، وتعبيره في بعض الروايات بالخفض، مما يدل على القدر المطلوب في ختانهن، وقد قال الإمام البيضاوى إن حديث " خمس من الفطرة " وهو عام في ختان الذكر والأنثى، وقال الشوكاني في نيل الأوطار، إن تفسير الفطرة بالسنة لا يراد به السنة الاصطلاحية المقابلة للفرض والواجب والمندوب، وإنما يراد بها الطريقة، أى طريقة الإسلام، لأن لفظ السنة في لسان الشارع أعم من السنة في اصطلاح الأصوليين، ومن هنا اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا، القول بمنع الختان للرجال أو النساء.

أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على الوجه الذي علمه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة رضى الله عنها، أما الاختلاف في وصف حكمه، بين واجب وسنة ومكرمة، فيكاد يكون اختلافاً في الاصطلاح الذي يندرج تحته الحكم، ويشير إلى هذا ما نقل في فقه، الإمام أبى حنيفة من أنه لو اجتمع أهل مصر على ترك الختان، قاتلهم الإمام أى ولى الأمر، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه، كما يشير أليه أيضاً أن مصدر تشريع الختان هو اتباع ملة الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد اختتن، وكان الختان من شريعته، ثم عده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،من خصال الفطرة، وأميل إلى تفسيرها بما فسرها به الشوكاني، بأنها السنة التي هي طريقة الإسلام ومن شعائره وخصائصه، وكما جاء في فقه الحنفيين.

وقد استبان مما تقدم أن ختان البنات المسئول عنه من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ولو كان طبيبا، لأن الطب علم والعلم متطور، وتتحرك نظرته ونظرياته دائما، ولذلك نجد أن قول الأطباء في هذا الأمر مختلف، فمنهم من يرى ترك ختان النساء، وآخرون يرون ختانهن، لأن هذا يهذب كثيراً من إثارة الجنس لاسيما في سن المراهقة التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، ولعل تعبير بعض روايات الحديث الشريف في ختان النساء بأنه مكرمة يهدينا إلى أن فيه الصون، وأنه طريق للعفة، فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنية التي تؤدى إلى التهابات مجرى البول وموضع التناسل، والتعرض بذلك للأمراض الخبيثة، وهذا ما قاله الأطباء المؤيدون لختان النساء.

وقد أضافوا أن الفتاة التي تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفى مراهقتها حادة المزاج سيئة الطبع، وهذا أمر قد يصوره لنا ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم، بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام التي لا تخفى على أحد، فلو لم تقم الفتاة بالاختتان لتعرضت لمثيرات عديدة تؤدى بها، مع موجبات أخرى، تذخر بها حياة العصر، وانكماش الضوابط فيه، إلى الانحراف والفساد، وإذا كان ذلك فما وقت الختان شرعاً اختلف الفقهاء في وقت الختان فقيل حتى يبلغ الطفل، وقيل إذا بلغ تسع سنين، وقيل عشرا، وقيل متى كان يطيق ألم الختان وإلا فلا، والظاهر من هذا أنه لم يرد نص صريح صحيح من السنة بتحديد وقت للختان، وأنه متروك لولى أمر الطفل بعد الولادة، صبيا أو صبية، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين رضي الله عنهما.

يوم السابع من ولادتيهما، فيفوض أمر تحديد الوقت للولي، بمراعاة طاقة المختون، ومصلحته، وإن ختان البنات من سنن الإسلام وطريقته لا ينبغى إهمالهما بقول أحد، بل يجب الحرص على ختانهن بالطريقة والوصف الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة، ولعلنا في هذا نسترشد بما قالت حين حوارها مع الرسول: هل هو حرام فتنهاني عنه؟ فكان جوابه عليه الصلاة والسلام وهو الصادق الأمين: "بل هو حلال" وكل ما هنالك ينبغى البعد عن الخاتنات اللاتى لا يحسن هذا العمل ويجب أن يجرى الختان على هذا الوجه المشروع، ولا يترك ما دعا إليه الإسلام يقول فرد أو أفراد من الأطباء لم يصل قولهم إلى مرتبة الحقيقة العلمية أو الواقع التجريبى، بل خالفهم نفر كبير من الأطباء أيضاً، وقطعوا بأن ما أمر به الإسلام له دواعيه الصحيحة وفوائده الجمة نفسياً وجسديا.

هذا وقد وكل الله سبحانه أمر الصغار إلى آبائهم وأولياء أمورهم وشرع لهم الدين وبينه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أعرض عنه كان مضيعاً للأمانة التي وكلت إليه على نحو ما جاء في الحديث الشريف فيما روى البخاري ومسلم،عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" فما دامت الطهارة في دين الإسلام بهذه القيمة والمكانة، فإنه ينبغي على المسلم أن يحرص أشد الحرص على تعلّم أحكامها وآدابها.



google-playkhamsatmostaqltradent