recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الفقهاء السبعه

الصفحة الرئيسية
ماذا تعرف عن الفقهاء السبعه


كتب - محمـــد الدكـــرورى

إن أهل العلم والعلماء، هم فقهاء الإسلام، وهم من دارت الفُتيا على أقوالهم بين الأنام، وهم الذين خُصّوا باستنباط الأحكام، وعُنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، وبهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب، وإن العلماء هم الطائفة التي نفرت لطلب العلم، والتفقه في الدين، كما جاء في القرآن الكريم، فالعلماء هم المستمسكون بالسنة، وهم الثابتون عليها، وهم الذين لا تُرضيهم كثرة الجموع، ولا يغرهم ثناء الناس عليهم، بل هم ثابتون على سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك حين جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس، رضى الله عنهم جميعا، وهو إمام دار الهجرة، فقال له : يا أبا عبد الله أسألك عن مسائل .
فسأله عن ثلاثين مسألة، فلم يُجب مالك إلا في ثلاث، وفي سبع وعشرين قال : لا أدري، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله أضرب إليك أكباد الإبل من العراق لأسألك، فتقول لي في سبع وعشرين : لا أدري، فقال مالك : اذهب وأخبر مَن وراءك أن مالكا لا يدري، وإن من صفات أهل العلم والعلماء، أنهم راسخون في العلم، فهو الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشُّبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه، ولا قدحت فيه شكّا، لأنه قد رسخ في العلم، فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم، وإن من صفات أهل العلم والعلماء أيضا، أنهم مشهود لهم من العلماء، وهذه الصفة لهي من أهم الأمور التي ينبغي مراعاتها في العالم الذي يُسأل، ويؤخذ عنه العلم، ويعطى الحقوق، حيث يقول الإمام مالك، رحمه الله، ما ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من كان أعلم منه.
وما أفتيت حتى سألت ربيعة، وهو يعني ابن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد، فأمراني بذلك، ولو نهياني لانتهيت، وسوف نتحدث عن الفقهاء السبعة، ولكن من هم الفقهاء السبعه، وفى أى زمان ومكان كانوا، فهي عبارة أطلقها الفقهاء على سبعة من التابعين وقد كانوا متعاصرين بالمدينة المنوره، وعلى الرغم من أنه كان في عصرهم جماعة أخرى من العلماء، إلا أن الفقهاء السبعة كانوا في عصرٍ واحد قريب من الهجرة، وعنهم انتشر العلم والفتيا في الدنيا، ولما صارت بالمدينة الفتوى إليهم بعد الصحابة واشتهروا بها خُصّوا بهذه التسمية، وقد كان في عصرهم جماعة من العلماء والتابعين، ولكن الفتوى لم تكن إلا لهؤلاء السبعة ، وهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعُبيد الله بن عبد الله، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار.
وقد اختُلف في الفقيه السابع، فقيل هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، فمن هنا نقول أن فقهاء المدينة هم سبعة أو عشرة من كبار التابعين الذي انتهى إليهم العلم والفتوى في المدينة المنورة، وهم الفقهاء الذين اتخذهم الخليفه الأموى الراشد عمر بن عبد العزيز مستشارين له فيما يعرض عليه من أمور عندما كان والياً على المدينة، وقد ذكرهم ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين فقال: وكان المفتون بالمدينة من التابعين: ابن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبان بن عثمان، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
وهؤلاء هم الفقهاء السبعة، وأما عن تعريف الفقه الإسلامي، فيعرّف الفقه فى اللغه بالفهم، وذلك كما قال قوم نبى الله شعيب عليه السلام، عندما بعثه الله سبحانه وتعالى، إليهم: ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ) أي لا نفهمه، وأما تعريف الفقه اصطلاحا، ففيه اختلاف بين أهل الصدر الأول للإسلام والمتأخرين، حيث إن أهل الصدر الأول من الإسلام عرّفوا الفقه بالعلم الذي يشمل الدين كله، وهو كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنّة نبيّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الفقيه من الصحابة فهو الذي خصّه الله سبحانه وتعالى، بنوع من الفهم لكتاب الله عز وجل، وسنة نبيّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي مجرد الحفظ ليكون صاحبه فقيها، وأما المتأخرين فعرّفوا الفقه بعلم القانون الإسلامي، أي العلم بالأحكام الشرعية العملية.
ومن الذين عرّفوا الفقه من المتأخرين، هو الآمدي، حيث قال: هو العلم بالأحكام الشرعيّة العملية من أدلتها هى التفصيلية، وأما عن الفقهاء السبعه فهم كالتالي: سعيد بن المسيب، وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، وهو أبو محمد، سيد التابعين، وقد ولد في خلافة عمر بن الخطاب، وأمه أم سعيد بنت حكيم، وقد جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان يعيش من التجارة بالزيت لا يأخذ عطاء، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سُمي راوية عمر، وتُوفي فى المدينة في سنة أربع وتسعين من الهجره وهو الأثبت، أو هو أصح الأقوال، وأما عن الفقيه عروة بن الزبير، وهو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو عبد الله، وأمه هى السيده أسماء بنت أبي بكر الصديق.
وقد ولد سنة تسع وعشرين من الهجره، وقيل: سنة ثلاث وعشرين، كان عالما بالدين، صالحا كريما، لم يدخل في شيء من الفتن، وانتقل إلى البصرة، ثم إلى مصر فتزوج وأقام بها سبع سنين، وعاد إلى المدينة فتوفي فيها سنة أربع وتسعين، وقيل: إحدى وتسعين، وقيل: اثنتين وتسعين، وقيل: ثلاث وتسعين، وقيل: سنة خمس وتسعين، وأما عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي المدني الفقيه، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وأمه هى أم ولد ويُقال لها سودة، وقد ولد في المدينة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان صالحا ثقة من سادات التابعين، وقال عنه عمر بن عبد العزيز رحمه الله: لو كان لي في الأمر شيء لولَّيت القاسم بن محمد الخلافة، وقد عمِّي في أواخر أيامه.
وتوفي في المدينة في سنة مائة وسته من الهجره، وقيل: سنة مائة وسبعه حتى مائه واثنى عشر من الهجره، وأما عن الفقيه عبيد الله بن عبد الله، فهو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو أبو عبد الله الهذلي المدني الضرير، وهو مفتي المدينة، ومن أعلام التابعين، وكان إماما حجة حافظا مجتهدا، ثقة عالما فقيها كثير الحديث والعلم بالشعر، وهو مؤدّب أى هو معلم، عمر بن عبد العزيز فى طفولته، وله شعر جيد وقد أورد أبو تمام شيئا منه في ديوان الحماسة، وتوفي بالمدينة المنوره، في سنة مائة واثنين من الهجره، وقيل سنة سبع وتسعين، وقيل سنة ثمان وتسعين، وقيل سنة تسع وتسعين، وأما عن الفقيه خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، فهو خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري، وهو أبو زيد المدني من بني النجار، وأمه هى أم سعد بنت سعد بن الربيع النقيب.
وقد كان تابعي جليل القدر ومن عقلاء فقهاء المدينة وعبّاد التابعين وعلمائهم، وقد أدرك زمان عثمان بن عفان، وتوفي بالمدينة سنة تسع وتسعين للهجرة، وقيل: سنة مائة من الهجره، وكان عمره فى ذلك الوقت أربعون سنة، وأما عن الفقيه، سليمان بن يسار، فهو سليمان بن يسار، وهو أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو أيوب، وهو مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهو أخو عطاء بن يسار، وقد ولد في سنة أربع وثلاثين للهجرة في خلافة عثمان بن عفان، وكان ثقة وكان عالم فقيه، كثير الحديث، وسمع ابن عباس وأبا هريرة وأم سلمة رضي الله عنهم أجمعين، قيل أنه توفى سنة مائة وأربعه من الهجره، وقيل حتى مائه وعشره من الهجره، وأما عن الفقيه السابع، فيه ثلاثة أقوال، أحدها أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
والثاني أنه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والثالث أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأما عن أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وأمه هى تماضر بنت الأصبغ الكلبية، وهي أول كلبيه تزوجها قرشى، وقد ولد سنة بضع وعشرين من الهجره، وهو من متقدمي التابعين، وكان ثقة فقيها كثير الحديث، ومن أفاضل قريش وعبَّادهم، ومن فقهاء أهل المدينة، ومن كبار أئمة التابعين، وكان إماما حجَّة وعالم ويناظر ابن عباس ويراجعه، وله أحاديث كثيرة وفقه وفتوى، وقد تولى قضاء المدينة في عهد معاوية بن أبي سفيان، وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين، في خلافة الوليد بن عبد الملك، عن عمر اثنتين وسبعين سنة.
وأما عن الفقيه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فهو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي، أبو عمر، ويقال: أبو عبد الله المدني الفقيه، وأمه كانت أم ولد، وكان ثقة ورعا كثير الحديث، وقد روى عن أبيه وأبي هريرة وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وهو من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم، وتوفى في المدينة سنة مائة وسته من الهجره، وأما عن الفقيه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، فهو
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام ابن المغيرة المخزومي القرشي، قيل: إن اسمه محمد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، وقد ولد في خلافة عمر بن الخطاب، كان ثقة فقيها وعالم وسخى، كثير الحديث، ومن سادات التابعين، وقد لُقّب براهب قريش لكثرة صلاته، وتوفي في المدينة سنة أربع وتسعين من الهجره، وكان كفيفا رحمه الله.

google-playkhamsatmostaqltradent