سعى المرأة للحب والزواج
بقلم: د. عادل عامر
1 - الفارس الذى يأتى على حصان أبيض لم يعد فارس أحلام فتيات اليوم، ربما لأن عصر الأحصنة ولى، وغدا حصان الأمس واحداً من الأدوات الترفيهية المنتشرة فى مدينة الألعاب! وبغض النظر عن فتى أحلام فتاة الأمس، فإن الواقع الحالى فرض كثيراً من الرؤى المختلفة لدى الفتاة، وعند الحديث عن مثل هذه القضايا تطفو على السطح قضية تفضيل المرأة للرجل الغني، وهذا الكلام لا ينئ عن الصحة، فإن نسبة كبيرة من الفتيات ترغب الارتباط بالرجل الغني، لأنها تأمل أن تجد الراحة فى ذلك، حيث أن بإمكانه أن يوفر لها كل أسباب الحياة الرغيدة، وقد تصطدم المرأة باختيارها، وتكتشف بأن المال ليس بالضرورة أن يكون مقياساً لاختيار الزوج المناسب، أو مصدراً للسعادة خاصة مع غياب أمور أخرى مهمة تنشدها الزوجة وتتمنى أن تكون فى زوجها.
لذلك تريد المرأة الزواج للأثبات الاتي:
ـ تريد كل امرأة أن تثبت لنفسها وصواحبها أنها قادرة على الزواج، وأنها لا تقل عن زميلاتها سحراً وقدرة أنوثة.
2 ـ وبذلك ترضى زهوها واعتزازها بنفسها، واعتدادها بأنوثتها ومحاسنها. ويتيح لها الزواج أن تتذوق تأثير محاسنها النسوية ومشاعرها الصافية الفياضة فى نفس مَن تتزوجه.
3 ـ تود أن تحمل طفلاً فى بطنها وبين يديها. وتشعر أن طفلها هو أحسن دمية تناجيها، وتلهو بها وتسليها.
وبذلك تتذوق مشاعر الحمل والولادة التى سمعت عنها من لِداتها وصواحبها، وتُثرى الحياة بأمومتها، وتقدم للدنيا أنجب الأطفال.
4 ـ قد يكون العمل هو ما يشغل الرجل طوال حياته. أما هى فترى أن الأمومة هى شاغلها الأول، ولهوها الأوفى، ومجال طاقتها الزائدة الدافقة.
وهى طريقها إلى الجنة، ما دامت ((الجنة تحت أقدام الأمهات)).
5 ـ تريد أن تكون امرأة مستقلة مسيطرة على بيتها، لا يشاركها فى إدارته شخص آخر، ولا تنازعها فى ترتيبه وتنسيقه وتجميله امرأة أخرى (لا الأخت، ولا الأم، ولا الحماة).
وبذلك تحقق كل ما كان يدور بخاطرها من أفكار حين كانت تعيش مع والديها، تحقق أحلامها فى إدارة بيت مستقل جميل، وتفوز باستقلالها فى دولتها الخاصة الصغيرة.
6 ـ فى طفولتها ونشأتها، كانت ترى أباها ذكراً شامخاً، تعتمد عليه هى وأمها وإخوتها. وتنتظر من زوجها القادم أن يكون مثل أبيها، رجلاً كامل الرجولة: يسندها ويدعمها ويشعرها بحماية الوالد وقدرته وبكل مزايا الذكور. وتلتمس منه التوجيه والإرشاد فى حياتها، وفى تربية أولادها.
تريد كل امرأة أن تكون محوراً وعماداً لأسرتها: تبث الحب فى زوجها وأولادها. وتضيء لهم الحياة، وتنشئ لهم المثل العليا والأهداف السامية، دون أن تزعزعها مشاكل الحياة وهمومها. وهى تقدم لهم (دون مقابل) أصفى المشاعر الإنسانية الخالصة، التى تربط الأسرة، وتحفظها من أدران الحياة ومشاكلها المادية المعقدة المتشابكة. وتلك هى المشاعر الوثيقة الحميمة، التى تجمع بين الزوجين والأولاد، دون اهتزاز بمشاكل الحياة.
7 ـ وأخيراً، تريد المرأة أن تشعر بالدفء والحب بين أحضان رجل واحد، تملكه ويملكها، وترضيه ويرضيها، وتسعده ويسعدها،
وتحظى بعطفه واهتمامه، وتعطيه من حنانها قدر ما يعطيها من حنان.
8 ـ حين تتزوج المرأة، تملك من الرجل ما لا يملكه هو من نفسه: تملك عرضه وشرفه وثروته وأولاده وشهواته ولذاته وأفكاره.
ما هى الصفات التى تفضلها المرأة فى الرجل الذى تريد أن تختاره شريك لحياتها؟
- الرجل المؤمن التقى الخلوق: الذى يتعامل مع المرأة وفق هدى القرآن الكريم وسيرة وخُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطبق فى تعامله مع المرأة ما جاء فى الإسلام الذى حفظ لها كرامتها وحقوقها وأوصى بالرفق بها.
ولا زالت الأمهات تكرر هذا المثل ناصحات بناتهن المقدمات على الزواج «تزوجى بالذى يخاف من الله، فإن من يخاف الله لا تخافى منه».
صاحب الدين والخلق يتحلى بجميع الصفات التى جئنا على ذكرها فى هذا المقال والتى قد نكون غفلنا عنها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك: إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه.
- تريده كريماً: الرجل الكريم مطلب لا يمكن أن تتخلى عنه المرأة أو تساوم عليه، وقديماً قالوا «الكرم يغطى مائة عيب وعيب».
وتعد المرأة المرتبطة برجل عرف عنه الكرم محظوظة جداً، وكلمة كريم تسمعها المرأة عن خاطب تسأل عنه تؤثر وبقوة فى مدى موافقتها على الارتباط به.
وصفة الكرم تتعدى المال، فالكريم كريم بعواطفه وأخلاقه ونبله وليس فقط فى ماله.. وهى من الصفات المقترنة جداً بالرجولة.
- تريده أن يعرف احتياجاتها العاطفية: تضيق المرأة ذرعاً بالرجل الصامت، إذ تفتقد كثير من النساء الرجل الذى يعبر عن مشاعره، الذى يبدى إعجابه بزوجته، يطرب مسمعها بكلمات الإطراء والغزل ويملأ حياتها الزوجية بمفردات الحب والهيام.
إن أكثر ما تتوق إليه المرأة وتبحث عنه فى زوجها أن يعبر لها عن حبه واهتمامه بها، وأن يبدى إعجابه بكل ما تفعله، وأن يتغزل بها وبأنوثتها، فكم من المحبط أن تقف المرأة أمام المرآة تتجمل وتتزين لزوجها، فلا تجد منه أى تعبير يدل على أنه حتى انتبه إلى التغيرات التى تعبت فى عملها وأخذت من وقتها الكثير لتحظى على إعجابه.
-تريده أن يحترمها: تحب المرأة الرجل الذى يحترمها؛ يحترمها أمام أهله وأهلها، يحترمها فى البيت أمام أبنائهما، يحترم آراءها، أفكارها، لا يسخر من طموحاتها أو حماستها، يتعامل معها كإنسانة لها فكر ورؤى وليست كسجد فقط، يتحدث إليها ويحاورها، يناقشها ويشاورها تأسياً بسيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان يشاور زوجاته ويأخذ برأيهن.
- تحبه غضيض البصر: إذ إن أكثر ما يجرح المرأة فى كرامتها وكبريائها أن ينظر زوجها إلى امرأة أخرى أو يبدى إعجابه بها، وإن لم تشعره فى ذلك.
وتعجب المرأة بالرجل الذى لا يلقى بالاً إلى غيرها من النساء مهما كانت فتنتهن، إذ تشعر بأنه ذو شخصية قوية، وأنه أكبر من أن يفتن بامرأة هى أساساً تسعى لأن تكون محط نظره ونظر أمثاله من الرجال، فإن لم يلقى لها بالاً، كبر فى عينها.
- الرجل الذى يكتفى بزوجته عن نساء العالم: قطعاً أن المرأة تفضل الرجل الذى لا يفكر مجرد التفكير بالارتباط بأخرى، ويجد فى زوجته ما يكفيه عن نساء العالم، والذى يؤكد لها باستمرار وفى كل مناسبة انه من المستحيل أن يقدم يوماً على الزواج بأخرى أياً كانت الأسباب وأنها المرأة الأولى والأخيرة فى حياته.
- الرجل المبادر: عادة ما تكون المرأة هى المبادرة فى التخطيط لقضاء إجازة الأسبوع أو الإجازة السنوية، أو حتى الخروج إلى عشاء رومانسى هادئ مع الزوج، وتحب المرأة أن تجد فى زوجها الحماس ذاته، وأن لا يلبى رغبتها فقط لأنها تريد ذلك، بل أن يكون مبادراً، كأن يدعوها للخروج سوياً فى رحلة ما أو عشاء يجمعهما معاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الهدايا حيث تهتم المرأة عموماً بشراء هدية لزوجها فى كل مناسبة، بينما قد يخذلها نسيان زوجها لمناسباتهما الخاصة، إذ تتمنى المرأة أن يطلب زوجها مثلاً فى مناسبة زواجهما منها أن يخرجا سوياً إلى مكان ما، وأن يجلب لها هدية وإن كانت غير ثمينة، والغريب فى الأمر أن المرأة وإن عودها زوجها بأن لا يأت لها بهدية إلا أنها تتأمل فى كل مناسبة أن يتذكرها ولو بوردة.
- الرجل المسؤول: تتزوج المرأة متمنية أن تلقى بأعبائها على زوج تثق به، تضع رأسها على كتفه مطمئنة بأنه قائد المركب الذى لن يضيع ولن يُضيعها، يقف أمام أى تيار يواجه أسرتهما، ويبحر دوماً منشداً غد أفضل.
- الرجل الطموح الذى يتطلع دوماً إلى تحسين وضعه المادى والتعليمى على أن لا ينسيه طموحه زوجته، فلا يعلو وحيداً ويتركها بعيداً عنه، بل يأخذها معه فى علوه. ليتقدما سوياً نحو الأفضل، يدفعهما هدف مشترك يودان الوصول إليه معاً.
- تريده حليماً: إذ تعانى بعض النساء من سرعة غضب أزواجهن، والرجل الحليم يستوعب المرأة ويتفهم طبيعتها، ينقب عن مواطن الدفء والعاطفة داخلها، يتأنى فى التعامل مع المشكلات التى تواجهه معها، يأخذ الأمور بروية، ويحسن التصرف أكثر من الرجل العصبى الذى قد يزيد الطين بلة. وكم من البيوت تهدمت ووصلت إلى طريق مسدود بسبب عصبية الرجل.
- الرجل البيتوتي: تحب المرأة الرجل الذى يفضل الجلوس فى البيت مع أسرته على الخروج مع أصدقائه والسهر معهم، والذى يحب إن خرج أن يصطحب أسرته معه.
- الرجل الأنيق: عادة ما يُطلب من المرأة التزين لزوجها، وأن تظهر أمامه فى أحسن حلة، وقد يغيب عن ذهن الرجل أن المرأة التى جبلت على حب ذلك أيضاً تحب وترغب أن يبادلها الرجل بذلك، وأن يهتم بمظهره فى البيت وخارجه، وأن يكون فى نظرها أنيقاً وجذاباً، فالمرأة مرهفة الإحساس والمشاعر، والمظهر يؤثر بها كما يؤثر المضمون.
- الرجل الذى يدخل المطبخ: قد يكون من الغريب أن تدرج هذه الصفة مع الصفات السابقة إلا أن المرأة حقيقة تحب الرجل الذى يدخل المطبخ ويتعامل معه، إذ تعتبر المرأة أن تعامل الرجل مع الطبخ فن وإبداع بخلاف تعامل المرأة الذى يحدد بإطار الواجب والمسؤولية التى تفقده كثيراً من التجديد، مما يجعل المائدة التى يعدها الرجل أكثر فناً وإبداعاً.
ـ لماذا يتزوج الرجل:
1 ـ يتزوج الرجل لكى يستمتع بمحاسن المرأة وحنانها وأنوثتها، وما تمتاز به من دفء وعذوبة، وما تتيحه له من توجيه ومشاركة فى تحمل أعباء الحياة وتربية الأبناء والبنات. ويتمنى كل رجل أن يكون له ولد صالح يدعو له (بعد أن يرحل عن الدنيا).
2 ـ والزواج وسيلة فعالة، يستكمل بها الرجل مظاهر الاحترام والهيبة والشخصية الكاملة، لأن المجتمع يحترم المتزوج وحده، أو يحترم المتزوج أكثر مما يحترم الأعزب، فالزواج سُنة الحياة.
وقد سئل 800 رجل وامرأة فى أمريكا، تجاوزوا الثالثة والعشرين من العمر، فاتضح أن الرجل الأعزب يعيش فى قلق واضطراب وضياع وشقاء وعزلة، ولا يتكيف مع المجتمع والحياة.
3 ـ يرى الرجل أن الزواج أفضل وسيلة للتخلص من لذع الشهوة.
والمجتمع يعتبر الرجل الأعزب واحداً من ثلاثة:
ـ رجلاً عاجزاً، غير قادر على الزواج، وأعبائه وتكاليفه.
ـ شيطاناً جباراً، تدفعه شهوته إلى معابثة الغلمان ومعاشرة الجوارى (أو فتيات الإمتاع). ـ مسكيناً متخبطاً ضائعاً يكتفى بالاستمتاع الذاتي، أو يرضى بالانحراف الحسي.
4 ـ يود الرجل أن يستمتع بحلاوة الحياة ولذات الدنيا، والمرأة هى الدنيا والحياة. وحين يتزوج الرجل امرأة يحبها وتحبه يشعر أن الدنيا قد تغيرت وأن الحياة قد تبدلت، وأصبح لها طعم أحلى وأعظم.
والمرأة والأسرة والبيت تتيح له أن يستمتع بما كان يستمتع به طوال طفولته وصباه ومراهقته من جو الأسرة الهادئ الناعم الحانى الوثير. وحياة الأسرة هى أول حياة نلمسها ونعرفها ونؤمن بها، ونرتضيها منذ نعومة أظفارنا.
وجو الأسرة نمط من أنماط الحياة يفضله الرجل الناضج الكامل، أو الذى ينشد الكمال. وحياة الأسرة الحافلة الدافئة العامرة تُشعر الإنسان بعذوبة الحياة والألفة ومعانى الصداقة والتعاون والود والتعاطف، وتدفع عنه الضيق والكآبة والاكتئاب والسأم والضجر والوحدة والملل. 5 ـ والزواج وسيلة يثبت بها الشاب استقلاله ونضجه واكتمال شخصيته ين يؤلف أسرة خاصة به، ويفكر فى أن يترك للحياة نسلاً امتداداً لحياته.
وليس من السهل أن يأتى الإنسان للدنيا ويتركها، دون أن يُبقى فيها جزءاً عزيزاً من نفسه وبدنه، يستمتع بها. وأولاده هم الجزء العزيز الذى يتركه، بدلاً منه، ليستمتع بالدنيا والحياة، بعد رحيله عنها.
6 ـ والحب وحده ليس هو الدافع الأول إلى الزواج، فقد يحب الرجل امرأة لجمالها الباهر، أو ذكائها الفائق، أو مركزها المرموق، أو شخصيتها النادرة، وقد يدفعه حبه لها إلى عدم التفكير فى الزواج منها، لأسباب صحية أو مالية أو اجتماعية. ومن ثم يتزوج امرأة أخرى أقل منها فى هذه الصفات.
7 ـ ولكن الحب يدفع الرجل إلى تفضيل امرأة على أخرى. وهو فى هذا التفضيل (الحب) يسبح فى بحر الأحلام، وتتجاذبه الآمال، ويتخيل شريكة حياته المنتظرة بالصورة المنشودة التى يشتهيها لنفسه. وهو بذلك يعد نفسه للزواج إعداداً نفسياً، ولا يحتمل أن يبقى بدون زواج.