recent
أخبار ساخنة

ماذا تعرف عن المُسَيّب بن نجبة (الجزء الثانى)

 ماذا تعرف عن المُسَيّب بن نجبة (الجزء الثانى)





إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثانى عن المُسَيّب بن نجبة وقد قيل أن المُسَيّب هو من أصحاب الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، وقيل أنه كان من أصحاب الحسن بن على ، وقيل أن المُسَيّب بن نجبة من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم الذين أفناهم الحرب، وقيل أنه كان ممن خرج إلى نصرة الإمام علي بن أبى طالب، في حرب الجمل مع جماعة، فاستقبلهم علي بن أبى طالب، على فرسخ وقال مرحبا بكم أهل الكوفة وفئة الاسلام ومركز الدين، وقيل أنه كاتب الحسين رضى الله عنه، مع سليمان بن صرد ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر، وطلبوا منه أن يأتي العراق وكتبوا في آخره، إنه لو بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه وهم يقصدون النعمان بن بشير، وهو والي الكوفة، حتى نلحقه بالشام إن شاء الله تعالى، وقد قيل أنه لما قتل الحسين بن على، ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ودخل الكوفة، تلاقته الشيعة بالتلاوم والمنادمة.

ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين بن على، وتركهم نصرته واجابته حتى قتل إلى جانبهم، ورأوا، أنه لا يغسل عارهم والاثم عليهم إلا قتل من قتله والقتل فيهم، فاجتمعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤساء الشيعة إلى سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبته، وإلى المُسَيّب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي بن أبى طالب، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وإلى عبد الله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل، وإلى رفاعة بن شداد البجلي، وكانوا من خيار أصحاب علي بن أبى طالب رضى الله عنه، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فبدأهم المُسَيّب بن نجبة وقال بعد حمد الله، فإنا ابتلينا بطول العمر، إلى أن قال وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا فوجدنا الله كاذبين في كل موطن من مواطن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله وأعذر إلينا، فسألنا نصره عودا وبدءا وعلانية.

فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا، لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا، ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا، فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله، لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه، أون تقتلوا في طلب ذلك، فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك، ولا أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن، إلى أن قال فما زالوا، بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السر إلى الطلب بدم الحسين رضى الله عنة، فكان يجيبهم النفر بعد النفر، ولم يزالوا على ذلك إلى أن هلك يزيد ابن معاوية سنة أربع وستين من الهجرة، فلما مات يزيد جاء إلى سليمان أصحابه فقالوا، قد هلك هذا الطاغية والامر ضعيف، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث، وهو كان خليفة عبيد الله ابن زياد على الكوفة، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين رضى الله عنة، وتتبعنا قتلته، ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم.

المدفوعين عن حقهم، فلما مضت ستة أشهر بعد هلاك يزيد ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة، فنزلوا غربيتها وأقاموا خمسا، فاستراحوا وأراحوا، وأقبل أهل الشام في عساكرهم حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة، فقام سليمان بن صرد في أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها، ثم قال أما بعد فقد أتاكم عدوكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار، فإذا لقيتموهم فاصدقوهم القتال، وقال إن أنا قتلت فأمير الناس المُسَيّب بن نجبة، فلما قتل سليمان أخذ الراية المُسَيّب بن نجبة، وترحم على سليمان، ثم تقدم فقاتل بها ساعة، ثم رجع، ثم حمل فعل ذلك مرارا، ثم قتل رضي الله عنه بعد أن قتل رجالا، وقد كان المسيب بن نجبة من قادة ثورة التوابين على الدولة الأموية، بعد مقتل الحسين بن علي رضى الله عنهم، ، فسير إليهم الخليفة الأموي مروان بن الحكم جيشا بقيادة عبيد الله بن زياد فقُتل في معركة عين الوردة.

وثورة التوابين هي أول ثورة قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للحسين وأصحابه الذين قتلوا هناك، و قد كانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام خمسة وستين من الهجرة، وينقسم الكوفيون إلى ثلاث فئات، فئة قليلة وقد كانت فيمن طلب إلى الحسين القدوم إلى الكوفة ووعدته النصر فيمن وعد وهاهو الحسين رضى الله عنة، وقد أقبل مجيبا الدعوة فهي تفعل ما وعدته به وكان في هذه الفئة حبيب بن مظاهر الأسدي ونافع بن هلال الجملي وغيرهم، وفئة أخرى كانت على نقيض الفئة الأولى لا تحفل بعقيدة وهي إذا كانت قد كتبت إلى الحسين رضى الله عنة، فيمن كتب وتحمست لدعوته أشد التحمس وإذا كانت تري في الحسين رضى الله عنة، أنه رجل الساعة المفرد الذي يخلق بالتأييد والنصرة فلا ترى بأسا وقد مالت الكفة مع ابن زياد أن تميل معها وتقاتل الذي دعته لتنضوي تحت لوائه، وفئة ثالثة كانت وسطا بين الفئتين.

فلا هي نصرت الحسين، ولا هي نفرت لقتاله ولكنها انكمشت على نفسها تنكر المنكر بقلبها حتى إذا قتل الحسين ندمت على تركها نصرته وتلاومت فيما بينها ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيرا ومن هذه الفئة انبعثت فكرة الثورة التي عرف رجالها باسم التوابين، فأخذ يجتمعون بعد مقتل الحسين بن علي رضى الله عنة، مباشرة في إطار من السرية التامة، وعند الاجتماع يعقدون مناقشات أشبه ما تكون بالنقد الذاتي، وذلك لمحاسبة أنفسهم على التقصير الذي أظهروه إزاء الحسين بن على رضى الله عنة، والتشاور على كيفية التكفير عن الذنب وغسل العار الذي لحق بهم نتيجة هذا التخاذل، فتزعّم التحرك الشيعي حينئذ خمسة من كبار الزعماء الكوفيين المتقدمين في السن، الذين ارتبطوا تاريخيا بالحركة الشيعية، وهم سليمان بن صرد الخزاعي، وهو صحابي جليل كان اسمه يسار، وسمّاه رسول الله صلى الله عليه و سلم، سليمان، وهو من أصحاب علي بن أبى طالب رضى الله عنة.

وقد شارك معه في حروبه، والمُسَيّب بن نجبه الفزاري، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التميمي، رفاعة بن شدّاد البجلي، وكان كلهم من صحابة الإمام علي بن أبى طالب، ومن المؤيدين له، فبدؤوا يمارسون نشاطهم في الخفاء، ويبشرون بدعوتهم الانتقامية في أوساط الشيعة، بعيدا عن مراقبة السلطة وجواسيسها المنتشرين في كل مكان، وقد شكّلوا منظمة سرية نواتها نحو مائة معارض، ولم تلبث حتّى تحولت إلى معارضة شيعية كبرى تحمل اسم التوابين، وقد صارت هذه التسمية هي الغالبة على حركة سليمان ورفاقه، منبثقة من الآية الكريمة التي أصبحت شعارهم فى ذلك الوقت ( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) وكان الاجتماع الأول الذي ضم هؤلاء قد عُقد في منزل سليمان بن صرد، وكان أول المتكلمين في الاجتماع هو المُسيّب بن نجبه، وبعد أن أنهى كلامه بتشديده على توحيد الصفوف.




google-playkhamsatmostaqltradent