أنا مثلك
يا أيها الدمع أبكي
و الملم ورائي جرُحاتي
و آلامي
و احتسي من لوعة
الإنتظار مرارة
الكأس
و أرتقي بالحرف نحو
الهاوية
أنا مثلك
لا صبح بمرآة المطر
بموسم الشعوذة
لا كتب الفلاسفة تقودني
فكرها
و لا تسحرني مغامرات
سندباد في بلد النخيل
بقصصها الغريبة
و لا تشدني لمسة نهد
من انثى
حانية مدمرة على
فراشها الحرير تداعبها
نظرة عابرة
و لا تجذبني ملحمة
الشعراء
في المديح و الغزل
و لا من زيارة عصفورة
تاهت بإختلاف صباحات
الشتاء
تأتي و تدقُ زجاج
نافذتي بضحكتها
الساخرة
في صباحي المظلم
ل تستيقظني من نومي
العتيق بمنفاي
البارد
فأرتدي معطفٌ مرقع
في طريقي
و أنا أحمل جريدة
الأمس بيدي
أجلس مع الجريدة
بمقهى المثقفين
بمدينة المجانين
بحي الخاسرين
بفكرة الحائرين
الملم ثوب الضياع من
أمام العناوين
أراقب مرور الوقت
فقط
في ساعة الحائط
من الضجر
الدؤوب
من ميتاً يقول أنا
حيٌ بسراب حلمي
لكني أحسبُ نفسي بعداد
الأموات و روحي
مسلوبة
فأنا مثلك
أمشي على ضفاف
الغربة وحيداً بكفن
وطني المنسي
مازلت أبحث عن مقبرة في
روحي المتعبة
لترحمني
من لعنة الأوجاع
لأدفن بها دعاء و صلوات
الهزيمة
مازلت أتلاشى مرآة
الكسوف بمروره
المظلم
فلا يوجعني في الرحيل
سوى ذاكرتي بصورها
القديمة المبتسمة
أنا مثلك
أرتمي على عشب الجدار
بغربتي
بحسرة قبلة صادمة
قد أسترجع بها راحة
الأيام الماضية
فأتسلقُ وجه القصيدة
بأحرفي من ضعفي و
خوفي
و أكتبُ عن رحلة أسراب
الحمام في ضياع
الدروب
أكتب أوجاع الناس
بقلمي الحزين الثائر
ضدد غضب الرياح
على دروب
السفر
أنا مثلك مسافرٌ مع
دموعي بلا عنوان
أنا مثلك
حائرٌ أمام المرايا
المتحطمة مع العبيد
و متعصبٌ من خفافيش
الظلام التي تحتسي
دمائنا منفردة بمملكة
القرود
و حائرٌ أنا بضياع طريق
العودة من الرحيل
من أمام نافذتي
الغابرة
من دخان البراكين
المتفجرة
أنا مثلك
ها هنا حرفٌ ناقصٌ
في المعاني
و فوضوي الترتيب
في غربتي
و تائه دئماً كالبعوض خلف
الأبواب المعلقة بوجه
السماء
أنا مثلك
كأسُ الثمل يسقطني
دوماً
على أرصفة الليالي
بوحدتي
كقصيدة حائرة مع الريح
سقطت متعبة في ضباب
التشكيل
فأنا ملك الصدى
لا عرش لي مثلك في
القلوب
أنا كالحجر بزاوية
النسيان
أجلسُ في الهوامش
لأبكي بصمت
لا مقراً مستقراً لي في
العناوين
أنا مثلك
أصارعُ سيوف الأشباح
بصرختي
و أحاول أن أقاوم كسرة
الموت و النجاة
لأحيا مع الفجر عند
الغسق النائم
بين ضباب الأيام دون
أماني
و لا حلم لي ها هنا
أنا مثلك
لا شيء يعجبني في
هذه الحياة الظالمة
أجلس فوق الجماجم و
عظام الأموات فقط
أمشي بلا وعي
في سراديب الأحلام
المقتولة
و أركض خلف ذاكرتي
القديمة
لألتقي بروحي الحائرة
بمنتصف السقوط
فالغيوم قد حملت
أثوابنا نحو البعيد بدون
عناوين
مع أسماء العابرين
التي احترقت مع صور
الذكريات
عندما انهدم أول حجراً
من جدران بلدي بخنجر
الغدر
بأسم الحرية المشؤومة
و تبعثرت صفحات التاريخ
بساحات الإنكسار و
العربدة
فأنا مثلك
أتوجعُ و أتألم على سقوط
وطني الجريح
فلا الشمالُ و لا الجنوب
لا الشرقُ و لا الغرب
يلتقتني من أمام
الريح في الهزيمة
أنا مثلك
أستنشقُ رائحة الموت
و البارود
و أهوي بخوفي من صوت
الرصاص الحاقد
و أحزنُ على دموع
تلك الطفلة اليتيمة
الجالسة عند جدار منزلها
المهدوم
تبكي لوحدها على
موت الأهل
أنا مثلك
قد مللت صخب
الكلمات الصارخة
المدونة في قصيدة
الخواريف
كما مللت من كذب
الثعالب الطويل
و قد ضاع مني مفتاح
بيتي و عنواني في بلد
الغبار
فأنا مثلك يا أيها
الدمع
أنا ذكرى دمعةٍ تبكي
بسقوط الأخلاق
عند قبر شهيداً بلا
أسم
مجهول الهوية لا أحدٌ
يبكي عليه
كان ضحية الحرب
الملعونة فنام مع جرحه
بعيداً عن الضجيج
أنا مثلك
العالم لا يشعر بمأساته
و لا بكارثته المصتنعة
الخبيثة
و لا يبالي بموته
ظلماً و بهتاناً
بسيف الأشباح الملثمين
بليالي أمراء الحرب
الصعاليك
أنا مثلك يا أيها
الدمع
خطأ السماء بهذه الأرض
بتكويني
و غفلة الآلهة الثملة
المتعبة
فأنا عارُ الملائكة برقصة
الشياطين في الزنا
فأنا لا فرق بيني و
بينك يا أيها
المنسي
فكلانا أسقَطنا جرح
الأحزان في المغيب
المر
بديار الغرباء
أنا مثلك
أرتجف ُ من دهشتي
بتمرد الذئاب
ضدد قوافل الموتى
في بلد الدمى
الساقطين
فأنا مثلك
حتى بشكل الموت
المخيف
أنا أشبهك يا أيها
الدمع الساقط
أسقط ُ باكياً بصمتي
الأبكم على بلدي الغالي
سوريا
فأنا مثلك ميت