recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

وظائف الصحافة من منظور أكاديمي بقلم: هبة المنزلاوي

 وظائف الصحافة من منظور أكاديمي 


وظائف الصحافة من منظور أكاديمي بقلم: هبة المنزلاوي


بقلم: هبة المنزلاوي

صحافية مصرية وأديبة


إن المراحل التاريخية المتعددة التي يشهدها المجتمع الذي تصدر به الصحيفة تلعب دوراً مهماً في إضافة وظائف جديدة للصحافة ؛لمواكبة التطور الذي يشهده العصر ويحققه المجتمع حيث إن الصحافة تتسع مجالاتها وتزداد أدواتها كلما انتقل المجتمع من مرحلة إلى أخرى فدور الصحافة لم يعد متوقفا على نشر الأخبار والمعلومات وعرض الحقائق وتسجيل الأحداث والوقائع وإنما أصبحت الصحافة مصدراً مؤثراً لخلق المواطن الواعي وتشكيل العقلية السياسية الناضجة وتنمية الانتماء الوطني وكذلك حث المواطن على المشاركة السياسية من خلال جذبه للأحداث والوقائع يشعر المواطن بأنه جزء من الحدث ويجب عليه أن يكون عنصراً فعالاً فيه

 تِعتبر الصحافة مؤسسة اجتماعية متكاملة نتيجة للتطورات الهائلة التي تشهدها التقنيات الحديثة ،فتؤدي أدوارها المختلفة في المجتمع وتؤثر في العنصر البشري فتعمل على تربيته وتهذيبه مثل :المؤسسات الاجتماعية الأخرى وتقوم بمهام تربوية وتعليمية على الصعيد الاجتماعي ومن أهدافها تضييق الفجوات الثقافية بين فئات المجتمع المتباينة وتحقيق التجانس الفكري والتقارب الثقافي من خلال المواد الصحفية التي تقدمها بأنواعها المختلفة كي لا يكون هناك تحيُّزا لفئة وخدمة مصالحها على حساب فئة أخرى ولكي تلتزم بمبدأ التحييد والموضوعية ،والفرق بين الوفاق والاتفاق فالأول يلزمه مجرد التقارب الفكري حول موضوع ما وتحول التفاوت إلى تقارب اجتماعي من خلال المنتوج الصحفي أما الأخير يتطلب التجانس الكلي

 أولا: الوظيفة الاخبارية :كان أول ظهور للصحافة منذ نشأتها في غرب أوروبا في نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر وكانت تتمثل في وظيفتها الإخبارية فقط دون امتلاك القدرة والشجاعة للتعليق على الأخبار، وذلك يرجع إلى أن ظهور الصحافة جاء مع تحول المجتمعات في غرب أوروبا من النظام الإقطاعي إلى النظام الرأسمالي وظهور البرجوازية وهذه الوظيفة الاخبارية ترتبط بأهم صفة من الصفات الإنسانية وهي حب الاستطلاع والفضول لمعرفة الأنباء والأحداث البيئية ،فكل ردود الأفعال التي تصدر من الإنسان لتلبية حاجاته المعيشية تتصل بدوافع أخرى كالتعرف على الآخرين ومراقبة البيئة والإلمام بالمعلومات النافعة حول الطبيعة والإنسان والحيوان، وهذه سمة إنسانية مهمة للغاية تساعد الإنسان على التكيف والتوافق مع البيئة والانسجام مع الآخرين ؛لأن هذا هو إثبات الصحة النفسية والسلامة الاجتماعية للإنسان .

 ‏تقوم هذه الوظيفة بإمداد القرّاء بالأخبار دون تحريف أو تضليل، وهنا يأتي احترام قدسية الخبر أما التعليقات الخبرية فهدفها الأول هو توضيح نقاط الغموض في الخبر ويجب أن تراعي الصحيفة  ملائمة التعليق مع كل فئات المجتمع المختلفة ويستلزم توافر ثلاثة عناصر أساسية للوظيفة الإخبارية وهي: التكامل والموضوعية والوضوح.

ثانياً: وظيفة الاستطلاع أو مراقبة البيئة وهي من أهم وظائف وسائل الإعلام التي نصفها بدور وسائل الاعلام في استقصاء الأنباء والمعلومات، فهذه الوسائل وشبكاتها الواسعة في كل أنحاء العالم تستطيع بالتأكيد جمع ومعرفة المعلومات التي قد عجزنا بأنفسنا عن الوصول إليها إلى جانب التقارير وتنقسم هذه الوظيفة إلى نوعين رئيسيين : الاستطلاع التحذيري وهو دور وسائل الاعلام في الكشف عن المخاطر التي تهددنا مثل الهجوم العسكري والكساد الاقتصادي وزيادة التضخم والاستطلاع الأدائي أو الخدمي وهو نقل وعرض المعلومات النافعة التي تساعد أفراد المجتمع في حياتهم اليومية

ثالثاً: وظيفة الخدمات العامة: وتتمثل فى تزويد القارئ بأخبار وموضوعات صحفية ومعلومات تخدم حياته وتحقق له الفائدة المباشرة مثل: أخبار المواطنين بمواعيد شركات الطيران الوطنية وأخبار السينما والمسرح، وإعلانات الوظائف ومواعيد المحاضرات والنشرة الجوية والإعلانات التجارية وأخبار الأسواق المحلية والعالمية إلى غير ذلك والكثير.


 رابعاً :وظيفة توثيق الأحداث: تُعد الصحافة مصدراً للتاريخ عندما يتصل الأمر بدراسة الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية لمرحلة محددة من المراحل التاريخية في مجتمع معين والصحافة كمصدر للتاريخ تؤدي وظيفتين أولهما الكشف عن الوقائع وتدوينها ووصفها والاحتفاظ بها للأجيال القادمة كأحد مصادر التاريخ وثانيهما القيام بقياس الرأي العام وآراء الجماعات والمذاهب المختلفة تجاه أحداث أو قضايا تاريخية معينة.

 خامساً:وظيفة الشرح والتفسير والتحليل :وهذا يعني أن نقل ونشر المعلومات والبيانات في ذاتها عملية غير كافية فلابد أن تقوم الصحافة بتفسير وتحليل وتقديم توضيح وشرح لها فبعض الأحداث لا نتمكن من استيعابها إلا بمعرفة خلفيتها التاريخية ،فيجب علينا تقديمها للقارئ لتجنب عملية التضليل وسوء الفهم لهذه الأحداث وتستخدم الصحافة أشكالا صحفية  كثيرة  مثل:  التحليلات الإخبارية ،والمقالات الافتتاحية وأساليب التغطية التفسيرية والتفسيرات والملخصات الأسبوعية للأحداث و الرسوم الكاريكاتورية الساخرة و الحملات الصحفية والأعمدة الصحفية ومقالات التعليق ورسائل القراء.

 سادساً:وظيفة تكوين الرأي العام: الرأي العام هو الفكرة السائدة بين جمهور من الناس تربطهم مصلحة مشتركة تجاه موقف أو مسألة معينة تشغل تفكيرهم وتثير اهتمامهم وهي ظاهرة تكتسب صفة الاستقرار النسبي وتختلف في إيحائتها ووضوحها من عقلية إلى أخرى ولكنها نتيجة للاتفاق المتبادل بين غالبية الأفراد ،فالرأي العام ليس مجرد رد فعل بسيط يعتمد على العرف والتقاليد وإنما هو نتيجة امتزاج العواطف والأفكار واختلاط التحيزات بالحقائق وتضارب المصالح والمبادئ فيجب علينا أن نفرق بين الرأي العام الذي هو الرأي الغالب في المجتمع وبين الاتجاه العام الذي يرتبط ارتباطا وثيقاً بالميراث الثقافي وهو مجموعة من العادات والتقاليد التي تشكل اتجاه ثابت يتسم بالاستمرار على خلاف الرأي العام الذي يتسم بالحركة والتغيير وتتفاعل عوامل متعددة تفاعلا ديناميكيا ينتج عنها في النهاية تكوين الرأي العام وهي الثقافة أو التراث الثقافي و عملية التنشئة الاجتماعية ووسائل الإعلام والاتصال والقادة  والحوادث  والحزب  والإشاعات و الجماعات ونمطية الجماعات، أو الصور النمطية عن الجماعات والشعارات والمصالح المباشرة للجماهير.

سابعاً: وظيفة الرقابة على مؤسسات المجتمع: تقوم الصحافة الحرة أي صحافة المجتمعات الليبرالية نيابة عن المواطنين بمراقبة المجتمع والحفاظ عليه من إساءة استخدام السلطة ويساعدها في ذلك الحرية الواسعة التي تتمتع بها الصحف في هذه المجتمعات الليبرالية من ناحية والحماية التي يضمنها القانون للصحف التي تتناول قضايا الانحرافات والفساد من بطش السلطة الحاكمة من ناحية ثانية وأيضا لأن القانون في هذه المجتمعات يمنح الصحفي الحق في عدم الإعلان عن أسماء مصادر معلوماته من ناحية ثالثة .


ثامنا : وظيفة تحقيق الترابط والتماسك القومي وذلك من خلال العمل على تعزيز إحساس أفراد المجتمع بالتميز الحضاري والثقافي ؛ فالصحافة تسعى لتعميق الشعور بالهوية والتميز الحضاري والثقافي للأمة عن طريق تقديم الرموز التاريخية والوطنية والنجاحات التي حققها الشعب أو أسلافه في الحضارة الإنسانية إلى جانب نقل التراث الثقافي إلى الأجيال المقبلة كما أن الصحافة تتولى مهمة الحفاظ على المنظومة القيمية للأمة والدفاع عنها ومناشدة أفراد المجتمع بالتمسك بها وحمايتها

 تاسعا:الوظيفة التنموية يمكن أن تتحقق الوظيفة التنموية للصحافة من خلال 4 مستويات:

 المستوى الأول: الاعتناء بقضايا التنمية ومشكلاتها وجوانبها المختلفة 

المستوى الثاني: العمل على خلق المناخ المناسب للتنمية المستوى الثالث :العمل على تنفيذ الحملات التنموية

 المستوى الرابع: العمل على تحقيق التنمية الثقافية

 عاشرا :الوظيفة الدبلوماسية غير الرسمية تؤدي الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وظيفة دبلوماسية غير رسمية خاصة في أوقات النزاعات والأزمات وذلك عندما يقوم مندوبو أو مراسلو الصحف ووكالات الأنباء بالمشاركة في المؤتمرات الصحفية مع الزعماء والقادة السياسيين أصحاب القضية الحادي عشر: الوظيفة التسويقية تقوم الصحافة بالوظيفة التسويقية للسلع والمنتجات والخدمات كما أنها أحيانا تقوم بتسويق الأفكار والأشخاص أثناء الحملات الانتخابية من خلال الإعلان

 الثاني عشر:الوظيفة الترفيهية تقوم الصحافة بوظيفة الترفيه أو التسلية لأن ذلك يعتبر من حاجات الإنسان  الأساسية مع العلم بمحدودية اهتمام الصحف بها وتتحقق هذه الوظيفة من خلال أشكال متعددة مثل : الألغاز والكلمات المتقاطعة والألعاب والكاريكاتير ،والرسوم الهزلية الساخرة وغير ذلك من أشكال الترفيه.

 وفي الختام، يعتمد الناس في عصرنا الحالي على الصحافة بشكل كبير، كما أن وسائل الإعلام تقوم بوظائف حيوية كبيرة في المجتمعات، وخاصة المجتمعات الديمقراطية، فالصحافة هي الضمير الحي للأمة، كما أنها تعبر عن أفكار ومعتقدات كل أفراد المجتمع وهي حلقة الوصل بين الشعوب والحكومات.


  

google-playkhamsatmostaqltradent