recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ارتفاع أسعار النفط الخام وسط مخاوف عودة شبح التضخم

 


ارتفاع أسعار النفط الخام وسط مخاوف عودة شبح التضخم

 

 




تحظى التقلبات في أسعار النفط العالمي باهتمام صانعي القرار والاقتصاديين على مستوى العالم وذلك لما لها من تأثير واضح على الأداء الاقتصادي والقطاعات الاقتصادية المختلفة، وأهمها القطاع الصناعي لما له من أثر بالغ  على زيادة تكاليف الإنتاج والنقل. وترجع التقلبات في سوق النفط بالأساس إلى الاختلالات بين جانبي العرض والطلب في سوق النفط العالمية، ومنها القدرات الإنتاجية العالمية، ومعدل نمو الاقتصاد العالمي، ومقدار إنتاج منظمة أوبك والتغير في مخزون النفط الخام وهيكل السوق، والعوامل السياسية مثل ،الحروب والنزاعات والعقوبات الاقتصادية التي قد تفرض على بعض الدول، بالإضافة إلى المشكلات البيئية والتقدم التكنولوجي.


جائحة كورونا ساعدت على انكماش الاقتصاد العالمي في 2020


وقد أدى الانكماش الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا إلى خفض الطلب العالمي على الطاقة، مما أدى إلى انخفاض سعر مزيج خام برنت من 63.60دولارًا للبرميل في يناير 2020 إلى 23.34 دولارًا للبرميل في أبريل 2020، إلا أنه وفي ظل التعافي الاقتصادي في أعقاب انتشار لقاح كوفيد-19 وارتفاع الطلب العالمي، ومن ثم زيادة الطلب على الطاقة، فقد حدثت قفزات متتالية في سعر خام برنت والذي بلغ في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2021 ما يقرب من 80 دولارًا للبرميل، ثم ارتفع في الرابع عشر من أكتوبر 2021 ليبلغ 83.69 دولارًا للبرميل، ومن المتوقع أن يبلغ حد 90 دولارًا للبرميل بنهاية العام الجاري.

 

ارتفاع أسعار النفط الخام وسط مخاوف عودة شبح التضخم




أسعار الغاز الطبيعي تحفز الارتفاع في أسعار النفط العالمي


هناك العديد من المخاوف حول حدوث مزيد من الارتفاع في سعر النفط العالمي نتيجة الارتفاع الذي يشهده سعر الغاز الطبيعي والذي شهد بدوره قفزات عالية؛ وذلك بسبب أزمة الإمدادات العالمية للغاز، وارتفاع الطلب العالمي على الغاز نتيجة الانتعاش الصناعي في الدول الآسيوية خاصة الصين، هذا بالإضافة إلى سعي القارة الأوروبية إلى الاحتفاظ بمخزون كافٍ قبل بداية موسم الشتاء. وجدير بالذكر أنه في السادس من أكتوبر 2021 شهد سعر الغاز الطبيعي ارتفاعًا غير مسبوق ليرتفع بنسبة 40% حيث بلغ أكثر من 56 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية؛ ومن ثم قد يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي إلى زيادة الطلب على النفط كبديل لتوليد الكهرباء.

 




 

التضخم يكشر عن أنيابه مع إعادة فتح الاقتصادات


هناك تخوف من ارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم المتزامنة مع التعافي في الاقتصادات العالمية، ومن المتوقع أن يستمر الارتفاع في معدلات التضخم العالمي خلال العام القادم على أقل تقدير مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع أسعار الطاقة العالمية، فقد أوضحت معدلات التضخم في المجموعات السلعية المختلفة وعلى وجه الخصوص المجموعة السلعية لمستلزمات الإنتاج الصناعي قفزات كبيرة مقارنة بعام 2020 والذي شهد انخفاضًا شديدًا في معدلات تضخم تلك المجموعات السلعية كما هو موضح بالجدول رقم (1).



 

إعادة النظر في السياسات النقدية


على الرغم من أن البنك الفيدرالي الأمريكي قد أعلن في سبتمبر 2020 تثبيته لسعر الفائدة، كما أوضحت "كريستين لاجارد" رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن ضغوط التضخم الراهنة مؤقتة ومن المتوقع أن تتلاشى تلك الضغوط بحلول العام المقبل، فإنه قد ترى البنوك المركزية المختلفة حول العالم خلال الفترة المقبلة أهمية إعادة النظر في سياسات التيسير الكمي الراهنة، ورفع أسعار الفائدة. فقد عملت سياسات التيسير الكمي على تشجيع الحكومات المختلفة على تجاهل قيود الميزانية مما لعب دورًا في تمهيد الطريق لعودة شبح التضخم العالمي.


زيادة الإنتاج يمكن أن تكبح جماح التضخم


تجدر الإشارة إلى أن التدخل السريع من قبل دول منظمة الأوبك وشركات النفط الأمريكية هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يكبح جماح ارتفاع أسعار النفط الخام في حالة ما إذا تزايد الطلب العالمي لمستويات ما قبل جائحة كورونا. على سبيل المثال، شهدت أسعار النفط العالمية انخفاضًا كبيرًا خلال الفترة 2014-2016 يرجع إلى زيادة إنتاج كل من الولايات المتحدة والعراق والبرازيل، وعودة إيران إلى التصدير، هذا بالإضافة إلى تكهنات بعض الاقتصاديين بانخفاض معدل نمو الاقتصاد الصيني والتشكيك في الأرقام المعلنة الخاصة بالاقتصاد الصيني. ساعد أيضًا تمتع الكرة الأرضية بشتاء معتدل في نصف الكرة الأرضية الشمالي على عدم زيادة الطلب على النفط.  إلا أنه على الرغم من الارتفاعات الحادة التي شهدتها أسواق النفط العالمية، فقد أعلنت أوبك بلس في اجتماع يوم الإثنين الرابع من أكتوبر 2021 الالتزام بخطة الإنتاج التي تم الاتفاق عليها مسبقًا في شهر يوليو 2021 والتي تنص على إنتاج 400 ألف برميل يوميًا خلال شهر نوفمبر 2021؛ ومن ثم فإنه ليس من المتوقع أن يتم رأب الفجوة بين العرض في سوق النفط الأجنبية، وذلك لأنه حسب ما يبدو أن حجم تلك الفجوة يفوق استعدادات وإمكانيات أوبك بلس لزيادة الإنتاج.

 

 



المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء

 

تزامنًا مع ارتفاع الأسعار العالمية شهدت مصر خلال شهر سبتمبر 2021 ارتفاعًا في معدل التضخم، حيث بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين 116.1 ليرتفع معدل التضخم من 6.4% في أغسطس 2021 إلى 8.0% في سبتمبر 2021. وترجع معظم الزيادة في مستوى الأسعار إلى ارتفاع أسعار مجموعة الطعام والشراب؛ حيث شهدت الأسعار العالمية للسلع الغذائية ارتفاعات متتالية خلال عام 2021. وجدير بالذكر أن مجموعة الطعام والشراب تمثل أكثر من ثلث وزن الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في مصر. وفي هذا الصدد فإن ارتفاع الأسعار العالمية والارتفاع في أسعار الطاقة سوف يكون لهما مردود مستقبلي على زيادة التضخم في مصر خلال الفترة القادمة.


google-playkhamsatmostaqltradent