صندوق النقد الدولي: التكامل التجاري في أفريقيا وسيلة لإطلاق العنان لقدرات القارة في عالم متغير
يتناول التقرير الصادر عن "صندوق النقد الدولي" (International Monetary Fund, IMF) العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز التكامل التجاري في أفريقيا، ويناقش الحواجز الجمركية الكبيرة التي تعرقل التكامل الإقليمي بين الدول الأفريقية.
بحسب التقرير، فإنه مُنذ ستينيات القرن الماضي، نجحت العديد من الدول الأفريقية في اتخاذ العديد من المبادرات لتعزيز التكامل التجاري في عموم القارة، كما أنه خلال السنوات الأخيرة، أظهر القادة الأفارقة دفعة متجددة للتكامل الإقليمي من خلال التوقيع على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية عام 2018، بهدف توسيع حركة التجارة بين البلدان الأفريقية وتعزيز التنويع الاقتصادي والتصنيع في البلدان الأعضاء فيها.
ويرى التقرير أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يمكن أن تساعد في تحقيق ذلك التكامل الاقتصادي من خلال تحرير تجارة السلع والخدمات عبر القارة، وتسهيل التجارة من خلال تعزيز العمليات الحدودية، وتنفيذ بعض الإجراءات وراء الحدود، ويمكن أن تؤدي إلى تحفيز تكامل تجاري أعمق داخل القارة الأفريقية ومع بقية العالم، وبالتالي احتضان الفرص التي يوفرها التغيير التكنولوجي، وتزايد عدد السكان في سن العمل، والبيئة العالمية المتغيرة.
في هذا الإطار، يؤكد التقرير أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تتمتع بإمكانات هائلة لتحويل التجارة الإقليمية، وبالتالي زيادة معدلات النمو ودعم سبل العيش في جميع أنحاء القارة، لذلك، يسلط التقرير الضوء على الفوائد التي يمكن أن يجنيها التنفيذ الناجح لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية للقارة السمراء برمتها من حيث زيادة مستويات الدخل وتوفير الوظائف والمزايا الأخرى.
ويبحث التقرير دور السياسات التجارية والبيئة التمكينية للتجارة الأوسع نطاقًا في تحديد تدفقات تجارة السلع الثنائية والتجارة في الخدمات على المستوى القطري، كما يسلط الضوء على كيفية تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية السياسات القطرية الداعمة التي يمكن أن تُعزّز التجارة والدخل وكذلك تساعد البلدان الأفريقية على الاندماج في سلاسل القيمة الإقليمية.
على الجانب الآخر، يتناول التقرير مجموعة من العقبات التي تعترض التجارة في السلع والخدمات وتكامل سلاسل القيمة الإقليمية إلى جانب مناقشة كيف يمكن للتكامل التجاري الإقليمي والسياسات الداعمة أن تساعد البلدان الأفريقية على التكيف مع الاتجاهات العالمية والمحلية الجارية، لاسيما التطبيق غير الكافي وغير المتسق للسياسات التكاملية إلى جانب العضويات المتعددة والمتداخلة في الترتيبات التجارية الإقليمية والتي أدت إلى التعقيد وعدم اليقين.
لذلك، يوصي التقرير بضرورة تبني نهج قائم على استدامة الإصلاحات الشاملة وتحقيق أكبر الفوائد الممكنة من حيث الدخل وخلق فرص العمل، كما يجب تضمين هذا النهج في السياسات والأطر المؤسسية التي تحمي استقرار الاقتصاد الكلي وتعزز بيئة الأعمال المواتية.
وفي الختام، تشير النتائج إلى أن التخفيضات المعقولة في التعريفات والحواجز غير الجمركية في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، إلى جانب تحسينات في بيئة تمكين التجارة الأوسع من شأنها تعزيز حركة التجارة البينية الأفريقية في السلع والخدمات بشكل كبير، ودعم الاندماج في سلاسل القيمة الإقليمية، كما يمكن أن يكون التكامل التجاري الإقليمي عنصرًا مهمًا في استراتيجية البلدان الأفريقية للتعامل مع النمو السكاني السريع، والتغيرات المناخية، والتجزئة الجيوسياسية الناشئة.

