الخلاف بين الصين والهند في طريقه إلى الانتهاء
تشهد العلاقات بين الهند والصين تحولًا هادئًا نحو الاستقرار الحدودي والتعاون التجاري الوثيق، رغم التوترات المستمرة منذ المواجهة الدامية بينهما في عام 2020. وتعود دوافع الهند في ذلك إلى حاجتها الملحة للتكنولوجيا والاستثمارات الصينية لتلبية احتياجاتها الصناعية، بينما تقلق الصين بشأن اقتصادها وارتفاع الحواجز التجارية المفروضة عليها، ونتاجًا لذلك قامت الهند بتخفيف قيود التأشيرات على المهنيين الصينيين وتلطيف الخطاب الرسمي تجاه الصين، مما يعزز العلاقات التجارية رغم المخاوف الأمنية.
ورغم هذا التحسن الظاهري، لا يمكن العودة إلى الوضع الطبيعي في العلاقات الهندية-الصينية حتى يتم استعادة السلام على الحدود المتنازع عليها بينهما، ولقد كان هذا هو الوضع حتى عام 2020، لكن ظاهريًا، يبدو أن موقف الهند هو رفض مقترح الصين بأن يجب على البلدين أن يضعا النزاع جانبًا، وهو ما دفع الهند إلى الاقتراب من الولايات المتحدة، والتركيز على مجالات الاهتمام المشترك.
وجاءت أولى علامات التحول في العلاقات في نوفمبر 2023 عندما خففت الهند القيود على تأشيرات المهنيين الصينيين في بعض الصناعات، وتبع ذلك تلطيف الخطاب الرسمي الهندي تجاه الصين، حيث وصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي العلاقات مع الصين بأنها "مهمة وذات مغزى" وأعرب عن أمله في استعادة الاستقرار الحدودي بين البلدين، وفي السياق ذاته قال وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، في أواخر أبريل، إن محادثات الحدود بين الصين والهند كانت "تقدمية ومرضية" ولم تظهر توترات جديدة، يضاف إلى ذلك أنه في مايو وصل سفير صيني جديد، شو فايهونغ، إلى دلهي بعد فترة انقطاع دامت 18 شهرًا.
ومن جانبها، كانت ردود فعل الصين منخفضة النبرة نسبيًا تجاه الهند في الأشهر الأخيرة. ورغم أن الرئيس الصيني شي جين بينج لم يهنئ رئيس وزراء الهند على إعادة انتخابه، إلا أن الصين تجنبت انتقاد الهند بعد أن التقى وفد من الكونجرس الأمريكي بالزعيم الديني الدالاي لاما في الهند.
ورغم الجهود الرسمية للحد من الاعتماد الاقتصادي الهندي على الصين، زاد اعتماد الهند على الواردات الصينية، حيث تجاوزت الصين الولايات المتحدة لتستعيد مكانتها كأكبر شريك تجاري للهند في السنة المالية 2023-2024. وبلغت واردات الهند من الصين 102 مليار دولار، وشملت المنتجات الصناعية الرئيسة مثل الإلكترونيات والآلات والسيارات والمواد الكيميائية والمنسوجات.