د. السيد الشربيني يكتب: المصرية صانعة التاريخ وأيقونة الحضارة
إن الحضارة المصرية هى أول من قدست المرأة واحتفت بالأمومة، وجعلت لها عيدا يعقب عيد وفاء النيل، وشبهت الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير والنماء.
وكان يتم الاحتفال بعيد الأم مع شروق الشمس التي يعتبرون نورها وأشعتها رسالة من إله السماء للمشاركة في تهنئتها.
لقد سبقت مصر الفرعونية العالم بأسره في احترام المرأة وحقوقها وتمتعها بوضعها العظيم فى الحضارة المصرية القديمة وخُلدت أسماء حكمن مصر الفرعونية، منهم على سبيل المثال "حتشبسوت" و"نفرتيتي" و"كليوباترا".
وتتضح عظمة المرأة المصرية على مر التاريخ من عبارة ألقاها أستاذ جامعى أراد بها أن يثني على إحدى المصريات.. فكانت هذه العبارات.. لماذا اختار إبراهيم الخليل هاجر؟.. لماذا تركها في واد غير ذي زرع ؟.. لماذا "هاجر" مع أنها كانت حاضنة لطفل في مرحلة الرضاعة؟.. ألم يكن أولى أن يأخذ السيدة سارة إلى هذا المكان..! فهي لم تكن تنجب ولم تكن حاضنة..! وكانت قوية بما يكفى..! لماذا تتركنا هنا يا نبي الله..!؟.. أهو أمر الله..!؟
نعم.. هو أمر الله..! إذا فلن يضيعنا الله..! إذن فهو أمر الله.. هو اختيار الله.. اختار الله المصرية لتلك المهمة..! ولكن.. لماذا المصرية؟
إنه درس التاريخ.. إنها تعاليم الله..!.. المصرية صابرة.. المصرية قوية.. المصرية ذات عزيمة وجَلَد.. المصرية رحمها خصب يأتي بأعظم الرجال (إسماعيل عليه السلام).
المصرية رمز للحياة تجعل الصحراء الجدباء التي لا زرع فيها ولا ماء.. تجعلها أم القرى ومقصد العبيد والأمراء..!.. المصرية مؤمنه بربها راضية واثقة في علمه وحكمته.. صِدْق إيمانها جعل رب البيت يجعل لها منسكا خاصاً من مناسك الحج (الصفا والمروة).. ويشرب العالمين ماء عذبا من تحت قدم ولدها..!
المصريات تراهن مرفوعات الهامة.. رؤوسهن تناطح السحاب.. تجلس على عرش مصر بجوار ملكها.. وأحياناً تجلس بعظمتها وحيدة على العرش.. محركة بإصبعها جيوشا.. ومتحكمة بعقلها الفذ في مصائر البلاد والعباد بمنتهى الحكمة والقدرة..!
عندما خرجت المصرية من بلدها مرتين.. مرة تزوجت خليل الرحمن وأنجبت إسماعيل عليه السلام.. وكونت أمه وشرعت منسكا من مناسك الحج..!
والمرة الثانية خرجت مارية القبطية رضي الله عنها لتتزوج خير خلق الله.. محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم عالي المقام.. فأنجبت له ولده إبراهيم.. ووضعت قدما للمصريين في بيت النبوة.. وإنه شرف لو تعلمون عظيم.
وعندما جلست المصرية على عرش مصر.. حكمت حتشبسوت الدولة المصرية 21 عاما.. جعلت مصر خلالها أعظم قوة عسكرية في العالم.. ووصل الاقتصاد المصري إلى مستوى غير مسبوق ويشهد على ذلك معبدها الذي يعتبر قبلة الباحثين عن عظمة مصر وعظيماتها.
حتى عندما غنت المصرية.. أصبحت كوكب الشرق.. أقوى حبال صوتية لامرأة في العالم.. إنها السيدة أم كلثوم غنت للعاشقين.. غنت للنبي العدنان.. غنت لمصر المحروسة.. جابت كل دول العالم لتجمع بصوتها الأموال للمجهود الحربي.. فاستحقت الاحترام والتقدير.
عاوز تعرف يعني إيه مصرية عظيمة.. تذكر والدتك.. استحضر صورتها في ذهنك الآن .. أو أنظر إليها إن كانت أمامك.. أترك مقالي الآن وتذكرها.. هااااا هل تذكرتها..؟ هل تذكرت كم كانت عظيمة معك ومع والدك وإخوتك..؟ هل امتلأت عينك بالدموع..؟ وهذه هي الأم المصرية العظيمة.. تبكي في وجودها حبا لها.. وتبكي في غيابها شوقا لها.
إلى كل سيدات مصر.. إلى كل آنسات مصر.. إلى كل عظيمات مصر.. ينحني العالم كله لكن احتراما أنتن اختيار الله.. مدعومات بقوة الله.. ماضيكم حضارة تسجلها أولى صفحات التاريخ.. وعظمة حاضركم لا تخطئه أعين الناظرين.. والمستقبل تضيئه شمس وجودكم.
وفي الختام، أوجه الشكر والتقدير إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لكونه أكبر داعم للمرأة المصرية في مسيرتها العلمية والأكاديمية والبحثية، والذى أعاد لها مكانتها الحقيقية، وأثبتت للجميع أنها تستحق أن تتبوأ تلك المكانة.
د. السيد الشربيني يكتب: المصرية صانعة التاريخ وأيقونة الحضارة