ندوة علمية حول التوحد بمدرسة يحيى كيلاني الثانوية في ديروط بقيادة الدكتورة شيماء سيد
كتب - حسن سليم
في مشهد يفيض إشراقًا بالعلم والتنوير، تحوّلت أروقة مدرسة يحيى كيلاني الثانوية بنات بديروط، محافظة أسيوط، إلى مسرح لعرس فكري وإنساني، حمل عبق المعرفة ودفء الإنسانية، حين استضافت المدرسة واحدة من أبرز قامات التربية الخاصة في الوطن العربي، الدكتورة شيماء سيد، الاستشاري الأول باتحاد المعالجين العرب.
جاءت الندوة التي أقيمت صباح الأربعاء السادس عشر من أبريل 2025، تحت عنوان "التوحد.. افهمني أنا طفل توحدي"، لتكون بمثابة نافذة فتحت أمام الحضور أفقًا رحبًا لفهم هذا العالم الصامت، الذي يسكنه ملايين الأطفال الباحثين عن من يفهمهم، لا من يحاكمهم.
الدكتورة شيماء سيد، بأسلوبها الآسر وقدرتها الفريدة على تبسيط المفاهيم العلمية المعقدة، أخذت الحضور في رحلة عميقة داخل دهاليز التوحد، كاشفة النقاب عن التحديات التي تواجه الطفل التوحدي، وأسباب إخفاقه في الاندماج داخل المجتمع، لتُعيد رسم ملامح الفهم لدى المعلمين والقيادات التعليمية.
الندوة التي شهدت حضورًا نوعيًا من القيادات التربوية والإدارية، كان من بينهم الأستاذ عاطف محمد سليم، والأستاذ ناصر صبحي مدير التعليم الثانوي، والأستاذة نوال صبري رئيس قسم التدريب، والأستاذة لبنى مديرة التعليم المجتمعي، والأستاذ حمادة عبد الحليم حمادة، رئيس مجلس الأمناء بالمدرسة، شكّلت منصة لتبادل الرؤى وتطوير أساليب التعامل مع التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة.
المشاركون لم يخفوا إعجابهم العميق بالمادة العلمية وعمق الطرح، حتى أن القاعة امتلأت عن آخرها، وباتت الأنفاس تترقب كل كلمة تنطق بها المحاضِرة، في ندوة تجاوزت في مدتها الزمن المخصص، دون أن يشعر الحضور بملل أو كلل.
ولأن النجاح لا يكتمل دون إدارة حكيمة وتنظيم مُتقن، فقد وجّه الحضور تحية تقدير وامتنان لمديرة المدرسة الأستاذة شيماء عثمان حلمي، ونائبتها الأستاذة عبير مصلوح ثابت، على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، كما لم يغب عن المشهد الأستاذ حمادة عبد الحليم حمادة، رئيس مجلس الأمناء، الذي يحظى بتقدير المجتمع المدرسي لما يبذله من جهد متواصل لدعم العملية التعليمية.
ولم ينسَ الحضور دور الطالبات المتطوعات اللاتي أضفن على الندوة روحًا حيوية بحُسن التنظيم والانضباط، ما جعل المدرسة تبدو في أبهى صورها، جديرة بأن تكون قلعة من قلاع العلم والتحضر.
وفي ضوء ما قدمته الدكتورة شيماء سيد من طرح علمي عميق وتجربة تفاعلية أثرت الحضور، أوصى المشاركون في ختام الندوة بضرورة تعميم هذه التجربة الثرية على نطاق أوسع، من خلال تنظيم سلسلة من الندوات وورش العمل والمؤتمرات بجميع المراكز والمحافظات، تحت إشراف ومشاركة الدكتورة شيماء، لنقل خبرتها المتميزة إلى أكبر عدد ممكن من المعلمين والمتخصصين. فالتوعية بأساليب التعامل السليم مع الطفل التوحدي، وفتح أبواب الاندماج الحقيقي له في المجتمع، لم تعد خيارًا، بل مسؤولية وطنية تستوجب تضافر الجهود وتكثيف المبادرات التعليمية والتدريبية الهادفة.
بهذا الحدث، أثبتت مدرسة يحيى كيلاني أنها لا تكتفي بالتفوق الأكاديمي، بل تسعى بكل وعي إلى تعزيز البُعد الإنساني في رسالتها التربوية، مؤمنة بأن التعليم لا يكون تعليمًا حقيقيًا إلا إذا لامس الروح قبل العقل.