عريضة شعبية في إيران تطالب بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي
في مشهد استثنائي يعكس حالة الغضب الشعبي في إيران، احتشد الآلاف من المواطنين لتوقيع عريضة ضخمة بلغ طولها عشرات الأمتار، تدعو الحكومة الإيرانية إلى الانسحاب الفوري من معاهدة حظر الانتشار النووي، في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية حساسة داخل البلاد.
وتأتي هذه الخطوة التصعيدية عقب سلسلة من الضربات الدقيقة التي نفذتها الولايات المتحدة فجر الأحد ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان. ووصفت واشنطن العملية بـ الناجحة، بينما كشفت تقارير إعلامية عن قيام طهران بنقل كميات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب إلى مواقع غير معلنة قبيل الهجوم، في محاولة للحفاظ على ما تبقى من برنامجها النووي.
ورغم عدم صدور موقف رسمي إيراني بشأن المطلب الشعبي، إلا أن أوساطا سياسية داخلية بدأت تروج لفكرة "تحلل طهران من القيود الدولية المفروضة على برنامجها النووي"، بما يمنح إيران هامشًا أوسع للتحرك نحو حيازة سلاح نووي دون رقابة دولية، حسبما أوردت مصادر إعلامية محلية.
العريضة، التي وُصفت بأنها الأضخم من نوعها، تجسد – بحسب مراقبين – تحولا كبيرا في الرأي العام الإيراني، الذي يرى في الالتزام ببنود المعاهدة الدولية نوعًا من "التقييد السياسي"، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط خارجية تهدد أمنها وسيادتها، على حد وصفهم.
وتعد معاهدة حظر الانتشار النووي إحدى أبرز الاتفاقيات الدولية التي تحكم استخدام التكنولوجيا النووية في العالم. ووفقًا لنصوص المعاهدة، فإن الدول الحائزة على السلاح النووي تتعهد بعدم نقل الأسلحة أو تقنيات إنتاجها إلى أطراف أخرى، كما تلتزم بعدم دعم أي دولة غير نووية في سعيها لحيازة تلك الأسلحة.
في المقابل، تُمنع الدول غير النووية من تطوير أو إنتاج أو استيراد أي نوع من أنواع الأسلحة النووية، وتُلزم بتوقيع اتفاقيات رقابية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان الاستخدام السلمي للتقنيات النووية، وخضوع المنشآت الوطنية للتفتيش الدوري.
وتشير المعطيات إلى أن 191 دولة قد وقعت على المعاهدة منذ فتح باب التوقيع عام 1968، ما يجعلها من أكثر الاتفاقيات الدولية انتشارًا من حيث عدد الأعضاء، فيما ظلت 4 دول فقط خارج هذا الإطار وهي إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية، وجميعها إما تمتلك قدرات نووية فعلية أو يُعتقد أنها تسعى لتطويرها.
ويخشى المجتمع الدولي من أن يؤدي انسحاب إيران من هذه المعاهدة إلى تسريع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، وفتح الباب أمام تحركات مماثلة من دول أخرى ترى في التسلح النووي ضمانة أمنية أمام التهديدات الإقليمية والدولية.
وبينما يتصاعد التوتر في المنطقة، تظل الأنظار موجهة نحو طهران ورد فعلها الرسمي تجاه العريضة الشعبية، التي قد تفتح صفحة جديدة في علاقة إيران بالمجتمع الدولي، وتعيد رسم خريطة التوازنات النووية في العالم.