برلمان 2025: اختيار المرشح بعقل لا بمال PDF
بقلم: دكتور بيتر ناجي
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع وزميل جمعية الضرائب
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في مصر عام 2025، تتجدد أهمية التوعية المجتمعية بضرورة اختيار المرشحين وفق معايير موضوعية، بعيدًا عن المؤثرات السلبية مثل المال السياسي. تعتبر هذه الانتخابات محطة حاسمة في مسار الديمقراطية المصرية، حيث يتم اختيار أعضاء مجلس النواب الذين سيتحملون مسؤولية التشريع ومراقبة أداء الحكومة خلال السنوات القادمة.
كيفية اختيار المرشح
يجب أن يكون اختيار المرشح مبنيًا على معايير واضحة تتجاوز الانتماءات السياسية أو العصبية الضيقة. أولًا، ينبغي التركيز على الكفاءة السياسية والقدرة على العمل في البرلمان بشكل فعّال. فالتشريعات التي يسنها النواب تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين في مختلف المجالات، من التعليم والصحة إلى الاقتصاد والبيئة. لذلك، يجب أن يكون المرشح على دراية عميقة بقضايا البلاد ويملك رؤية واضحة لحل المشكلات التي يعاني منها المجتمع.
ثانيًا، يجب أن يتسم المرشح بالنزاهة والأمانة. فالمسؤولية التي يتحملها عضو البرلمان تتطلب منه أن يكون قدوة في الالتزام بالقيم الأخلاقية والمهنية، وأن يتجنب أي سلوك قد يخلّ بمبادئ الشفافية والمساءلة.
كما يجب أن يكون للمرشح برنامج انتخابي واقعي يهدف إلى تحسين حياة المواطنين من خلال معالجة القضايا الأساسية، مثل الفقر والبطالة وتطوير البنية التحتية وتحقيق العدالة الاجتماعية. إن انتخاب المرشح الذي يملك القدرة على تحديد حلول عملية لتلك المشكلات هو في النهاية استثمار في مستقبل البلد.
أهمية معرفة البرنامج الانتخابي للمرشح
من الضروري أن لا يعتمد المواطن في اختياره للمرشح على الشعار الانتخابي أو الوعود العامة فقط، بل يجب أن يتعرف بشكل دقيق على برنامج كل مرشح. فهذه البرامج هي بمثابة خريطة طريق توضح كيف يخطط المرشح للتعامل مع القضايا الحيوية التي تهم الشعب. يجب على المواطن أن يتطلع إلى الأفكار والرؤى التي يقدمها المرشح حول القضايا الجوهرية مثل تطوير التعليم، تحسين الرعاية الصحية، ومواجهة البطالة.
البرنامج الانتخابي لا يجب أن يكون مجرد وعود غير قابلة للتنفيذ، بل يجب أن يتضمن خططًا عملية واقعية ترتكز على احتياجات المجتمع الفعلية. لذلك، يجب على كل ناخب أن يتسم بالوعي الكامل بأن قراره في اختيار المرشح يجب أن يستند إلى برنامج انتخابي يتماشى مع تطلعاته.
فالمرشح في الانتخابات البرلمانية لا يمثل نفسه فقط، بل هو ممثل للناخبين الذين سيمنحونه أصواتهم. ومن أهم أدوار المرشح في مجلس النواب:
التشريع: يعمل النائب على سن القوانين التي تؤثر على حياة المواطنين في مجالات متنوعة مثل التعليم، والصحة، والعدالة الاجتماعية. دوره هنا لا يقتصر على التصويت فقط، بل يمتد إلى تقديم مقترحات قوانين جديدة ومراقبة فاعلية التشريعات الحالية.
الرقابة على الحكومة: يعتبر النواب بمثابة جهاز رقابي على الأداء الحكومي. من خلال الاستجوابات والمناقشات، يتعين على النواب مراقبة تنفيذ الحكومة للقرارات والسياسات واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا لزم الأمر.
تمثيل الشعب: يتمتع النائب بدور حيوي في تمثيل المواطنين في قضاياهم اليومية، والتواصل معهم بشكل دائم لفهم مشاكلهم واحتياجاتهم. هو حلقة الوصل بين المواطنين والسلطة التنفيذية.
والمال السياسي أصبح أحد العوامل المؤثرة في بعض الأحيان في نتائج الانتخابات، حيث يتم استخدامه بطريقة غير قانونية للتأثير على الناخبين. إن المال السياسي يفسد العملية الديمقراطية، ويحول الانتخابات إلى لعبة تعتمد على القوة المالية بدلاً من القوة الفكرية والمهنية.
يجب على الناخبين أن يتحلوا بالوعي الكامل لخطورة المال السياسي، وأن يتجنبوا قبول الرشاوى أو الهدايا من أي مرشح. فالمال السياسي لا يهدف إلى تحسين حياة الناس، بل إلى ضمان فوز شخص معين على حساب المصلحة العامة.
على المرشحين أن يتحملوا مسؤوليتهم في الحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية، من خلال التنافس الشريف وعدم الاستسلام لإغراءات المال السياسي. كما يجب على الجهات المعنية أن تتخذ إجراءات صارمة ضد أي مخالفات تتعلق باستخدام المال السياسي، بما في ذلك فرض عقوبات قانونية على المخالفين.
إن الانتخابات البرلمانية في مصر 2025 هي فرصة ثمينة لتحقيق التغيير وتحسين حياة المواطنين. إن اختيار المرشحين بناءً على معايير من الكفاءة والنزاهة، مع الابتعاد عن المال السياسي، سيعزز من جودة العمل البرلماني ويخدم المصالح العامة. ويبقى الدور الأهم في يد المواطن، الذي يجب عليه أن يتحلى بالوعي الكافي لاختيار الأفضل لمستقبل الوطن.