recent
أخبار ساخنة

ماذا تريد جماعة الإخوان الإرهابية من مصر؟

ماذا تريد جماعة الإخوان الإرهابية من مصر؟

 

ماذا تريد جماعة الإخوان الإرهابية من مصر؟


بقلم: حسن سليم

منذ تأسيسها في عام 1928 على يد حسن البنا، كانت جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى غاية واحدة: السيطرة على الحكم، لا من خلال العمل السياسي الرشيد، بل عبر استغلال الدين وتوظيفه لخدمة مشروع سلطوي مغلق يتعارض تمامًا مع فكرة الدولة الوطنية الحديثة. لم تكن الجماعة في أي لحظة من تاريخها معنية فعليًا بالإصلاح أو التنوير أو رفع وعي الشعوب، بل سعت دومًا للهيمنة على مفاصل الدول واستبدال الهوية الوطنية بالولاء للتنظيم الأممي.


وفي تجربتها القصيرة بالحكم، كشفت الجماعة عن وجهها الحقيقي. لم تكتفِ بالفشل السياسي والإداري، بل حاولت أن "تُؤخون" الدولة المصرية، من الوزارات والمؤسسات الحيوية إلى الإعلام والاقتصاد وحتى مؤسسة الأزهر. أقصت الكفاءات وقدّمت الولاءات، وبدلًا من وضع خطط تنموية، تحوّلت إلى كيان عاجز عن الفهم أو الإنجاز، يلاحق المختلفين معه، ويتآمر على شركائه في الوطن، حتى سقطت بثورة 30 يونيو الشعبية التي أنهت حكمهم في عام واحد فقط.


لكن الأخطر من ذلك، لم تكن مجرد الممارسات السلطوية أو الفشل في الحكم، بل المشروع نفسه الذي تحمله الجماعة. فالإخوان لا يعترفون بالدولة الوطنية، ولا بالديمقراطية الحقيقية التي تقوم على التداول السلمي للسلطة والاعتراف بالتعددية. الجماعة تعتبر نفسها "الجماعة المؤمنة" التي وحدها تمتلك الحق في القيادة باسم الدين، بينما الآخرون، حتى لو كانوا مسلمين، فهم من "العوام" الذين يجب توجيههم أو عزلهم أو حتى تكفيرهم إن لزم الأمر.


لقد تعاملت الجماعة مع مصر دائمًا باعتبارها "ساحة" ضمن مشروعها الكبير، وليست وطنًا بمكوناته وتاريخه. من هنا، لا عجب أن يهاجم قادتها الجيش المصري، ويحرضون عليه، ويمتدحون الجيوش الأجنبية التي تعادي الدولة، طالما أن ذلك يخدم مصالحهم ويؤذي خصومهم. ولا عجب أن تجدهم يدافعون عن جماعات مسلحة أو كيانات إرهابية أخرى في الداخل والخارج، طالما أن هذه الجماعات تتقاطع معهم في الهدف أو العدو.


وفي السنوات الأخيرة، تحولت الجماعة إلى ماكينة إعلامية تبث من الخارج، تستخدم منصاتها الممولة والموجهة للتحريض على الدولة المصرية، وبث الشائعات، وتأليب الرأي العام، والمتاجرة بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية. لا تطرح الجماعة حلًا، ولا تقدم رؤية بديلة، بل تقتات على الفوضى، وتعيش على الهدم، وتستثمر في أزمات الوطن، ولا تبذل جهدًا في البناء أو حتى النقد الموضوعي.


أما على الساحة الإقليمية، فلا تتوقف الجماعة عن محاولات المزايدة على دور مصر التاريخي، خاصة في القضية الفلسطينية. فمنذ بدايات احتلال الأراضي الفلسطينية، ومصر تدفع الثمن من دماء أبنائها وأموالها ومصالحها، ولا أحد يستطيع التشكيك في هذا الدور الثابت. لقد خاضت مصر حروبًا من أجل فلسطين، وقدّمت تضحيات لا تُنكر، وبقيت دومًا في مقدمة الداعمين للحقوق الفلسطينية، على عكس الجماعة التي لم تقدّم سوى خطابات وشعارات، بل وفي كثير من الأحيان سخّرت القضية لمصالحها.


اليوم، تلعب مصر دور الوسيط في النزاع القائم بين إسرائيل وحركة حماس، وتسعى لوقف الهجمات، والحفاظ على أرواح المدنيين، ومنع اتساع رقعة الحرب، بينما تقف جماعة الإخوان، كعادتها، في صف من يهاجم الدولة المصرية، ويتهمها بالتقصير، بل ويطالب بفتح معبر رفح بشكل عشوائي دون تنسيق أو سيطرة، في تجاهل تام للتبعات الكارثية لمثل هذا القرار.. لو فعلت مصر ذلك، كما تطالبهم شعاراتهم الجوفاء، لكانت غزة كلها قد هجّرت بالفعل، ووقعت فريسة للتهجير القسري الذي ترفضه مصر رفضًا قاطعًا.


إن تشويه دور مصر في القضية الفلسطينية ليس مجرد جهل أو سوء نية، بل هو جزء من استراتيجية الجماعة في ضرب الثقة بين الشعب ودولته، والتشكيك في ثوابتها، وإضعاف موقفها الخارجي. مصر لا تتاجر بالقضية، بل تحميها. بينما جماعة الإخوان لا تملك من القضية سوى الشعارات المبتذلة والاتهامات الرخيصة.


ومع اتساع الأزمات الإقليمية والدولية، وجدت الجماعة بيئة مناسبة لإعادة بثّ خطابها. لكنها ما زالت تفشل في استقطاب الشارع. لقد فهم المصريون حقيقة هذا الكيان، ولفظوه مرّتين: مرة حين خرجوا ضد حكمه في 30 يونيو، ومرة حين وقفوا في وجه محاولات العودة في السنوات التالية.


فالشعب المصري يدرك أن جماعة الإخوان لم تكن يومًا مشروع إصلاح، بل مشروع هدم. مشروع قائم على المظلومية الزائفة، والتكفير الصريح أو الضمني، والتضحية بأي شيء من أجل التنظيم. تنظيم لا يُبالي إن سقطت الدول أو تمزّقت المجتمعات، طالما ظل هو قائمًا، وله موطئ قدم.


لقد فشلت الجماعة في الداخل، وفقدت نفوذها في الخارج، وباتت تعيش على الفتات الإعلامي والدعم السياسي من بعض العواصم التي توظفها ضمن حسابات إقليمية، لا علاقة لها بالدين أو الشعوب. بل إن بعض هذه الدول تستخدم الجماعة كأداة ضغط أو مساومة، وليس حبًا فيها أو إيمانًا بمشروعها.


مصر اليوم أقوى مما كانت عليه قبل عشر سنوات، رغم التحديات. ووعي الشعب أكبر من أن يُخدع بخطابات مُعادة ومحاولات مفضوحة. أما جماعة الإخوان، فقد تجاوزها الزمن، ولن تعود، لأن المجتمع لفظها، ولأن مشروعها فاشل في جوهره، ومُنتهٍ في مضمونه.


وستبقى مصر دولة راسخة، بتاريخها ومؤسساتها، لا تتنازل عن أمنها القومي، ولا تساوم على ثوابتها، ولا تخضع لابتزاز، لا من الداخل ولا من الخارج.



google-playkhamsatmostaqltradent