د. الهلالي الشربيني: المرونة التنظيمية طريق المؤسسات الحكومية إلى التنمية المستدامة
كتب - أ. د. السيد الشربيني
نشرت مجلة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة مقالًا للدكتور الهلالي الشربيني أستاذ التخطيط التربوي والإدارة التعليمية بجامعة المنصورة ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني الأسبق، تناول فيه بعمق قضية التحولات المتسارعة التي يمر بها العالم، وما تفرضه من تحديات على المؤسسات الحكومية التي باتت مطالبة بالتخلي عن أنماطها الإدارية التقليدية والانفتاح على أساليب أكثر مرونة وكفاءة.
وأوضح الدكتور الشربيني أن المرونة التنظيمية أصبحت السمة الأبرز التي تتيح للمؤسسات مواجهة الصدمات والتغيرات الداخلية والخارجية دون أن تفقد قدرتها على الاستمرار والتعلم، وهو ما يجعلها مدخلًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة. وعرّف التنمية المستدامة بأنها عملية تلبي احتياجات الحاضر مع الحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة، عبر أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية مترابطة، تتطلب إدارة رشيدة للموارد وحوكمة فعالة ومشاركة مجتمعية واعية.
وأشار إلى أن مفهوم المرونة، الذي انطلق من ميادين مثل علم البيئة والفوضى والسيبرنيطيقا، وجد مكانه في علم التنظيم ليمنح المؤسسات القدرة على التكيف والتجدد. فوفق نظرية النظم، تمثل المؤسسات كيانات مفتوحة تتفاعل باستمرار مع بيئتها، بينما تؤكد نظرية الفوضى أن تغيرًا صغيرًا قد يقود إلى نتائج ضخمة وهو ما يفرض على المؤسسات الاستعداد للتعامل مع المفاجآت. أما نظرية السيبرنيطيقا الثانية فتبرز أهمية التنظيم الذاتي والتعلم المستمر داخل المؤسسة.
وبيّن أن المرونة التنظيمية تتجلى في عدة أبعاد؛ من المرونة الهيكلية التي تعيد تشكيل الهياكل الإدارية، إلى المرونة التشغيلية التي تسمح بتعديل الإجراءات، والمرونة الاستراتيجية التي تستشرف المستقبل وتواجه المخاطر، وصولًا إلى المرونة البشرية التي تقوم على تمكين الكفاءات وتطوير قدراتها.
كما استعرض أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الحكومية، ومنها البيروقراطية، وضعف تقييم الأداء، ومقاومة التغيير، وغياب القيادات التكيفية، مؤكدًا أن التغلب عليها يتطلب إصلاحًا إداريًا شاملًا، وتعزيز القدرات البشرية، وتبني أدوات رقمية داعمة للقرار، إلى جانب تطوير سياسات حكومية مرنة ومؤشرات لقياس الأداء وفق مبادئ التنمية المستدامة.
ولفت إلى تجارب رائدة في هذا المجال مثل إصلاح الخدمة المدنية في بريطانيا، واستجابة سنغافورة السريعة لجائحة كوفيد-19 عبر دمج الحلول الرقمية، وتجربة مصر في التحول الرقمي الحكومي من خلال منصة مصر الرقمية التي مثلت نقلة نوعية في كفاءة الأداء ومحاربة البيروقراطية.
وختم الدكتور الهلالي الشربيني مقاله بالتأكيد على أن مستقبل المؤسسات الحكومية مرهون بقدرتها على جعل المرونة التنظيمية قيمة مؤسسية دائمة، وليست مجرد رد فعل للأزمات، معتبرًا أنها الشرط الأساسي لتحقيق تنمية مستدامة أكثر عدلًا وفاعلية.
