مصر تتحرك بثقة: زخم انتخابي في الشيوخ وحسم تشريعي للإيجارات ودعم إنساني متواصل لغزة
بقلم: حسن سليم
رئيس التحرير
تشهد الساحة المصرية حراكًا واسعًا على عدة مستويات في مشهد يعكس حيوية الدولة ومؤسساتها، وحرص القيادة السياسية على المضي قدمًا نحو ترسيخ الاستقرار وتعزيز التنمية المجتمعية. ما بين الزخم الشعبي الكبير في انتخابات مجلس الشيوخ، والتفاعل المجتمعي مع قضايا قانون الإيجار القديم، مرورًا بالجهود الأمنية لضبط المخالفين على مواقع التواصل، ووصولًا إلى استمرار تدفق المساعدات المصرية إلى قطاع غزة، تتعدد ملامح الصورة التي ترسمها الدولة في هذه المرحلة الحاسمة من مسيرتها.
انتخابات مجلس الشيوخ.. حضور شعبي ومشهد ديمقراطي حضاري
مع انطلاق التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، بدت اللجان الانتخابية في مختلف محافظات الجمهورية شاهدة على مشهد ديمقراطي متكامل، توافدت خلاله جموع المواطنين من مختلف الأعمار والفئات للمشاركة في العملية الانتخابية، في رسالة واضحة تؤكد وعي الشعب المصري بأهمية دوره في صنع القرار وبناء مستقبل وطنه.
رصدت اللجان الانتخابية انتظامًا ملحوظًا في الإجراءات، سواء من حيث التنظيم أو الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وهو ما عكس جاهزية الدولة ومؤسساتها لضمان سير العملية الانتخابية بأقصى درجات الشفافية والانضباط. وكان لافتًا الحضور المكثف من كبار السن والسيدات والشباب، ما يبرهن على أن الإقبال لم يكن مجرد أداء واجب وطني، بل تعبيرًا عن إيمان حقيقي بجدوى المشاركة.
وحرصت وسائل الإعلام المحلية والدولية على تغطية الحدث الانتخابي، حيث اعتبر مراقبون دوليون أن العملية تسير وفق أعلى المعايير المعتمدة عالميًا، ما يعزز من ثقة المواطنين في أدواتهم الديمقراطية.
القبض على بعض مستخدمي "تيك توك".. رسالة لحماية القيم المجتمعية
قامت الأجهزة الأمنية بضبط عدد من الأشخاص ممن خالفوا الأعراف والقيم من خلال نشر محتوى غير لائق على منصات التواصل، وبالأخص تطبيق "تيك توك". ورغم أن القانون يكفل حرية التعبير، إلا أن ذلك لا يعني التغاضي عن التجاوزات التي قد تضر بالمجتمع، خصوصًا في حال استهداف فئة الشباب.
وتؤكد هذه الإجراءات أن الدولة ليست في مواجهة مع منصات التواصل نفسها، بل مع من يسيء استخدامها. وهي رسالة واضحة بأن الأمن القومي يشمل أيضًا حماية الوعي الجمعي من الانزلاق إلى مساحات لا تتوافق مع تقاليد المجتمع المصري.
قانون الإيجار القديم.. حسم تشريعي طال انتظاره
وفي مشهد تشريعي يعكس انحياز الدولة لقيم العدالة الاجتماعية، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون الإيجار القديم، في خطوة جاءت بعد سنوات من الجدل والنقاش المجتمعي الواسع حول هذه القضية.
ينص القانون على إعادة التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر، بشكل يحفظ الحقوق دون الإضرار بأي طرف. ويهدف إلى إنهاء أوضاع قانونية استثنائية استمرت لعقود، وأضرت بسوق العقارات وأثرت على العدالة الاجتماعية.
وقد حظي القانون بردود فعل إيجابية من مختلف الأطراف، خصوصًا بعد أن تمت مراعاة البعد الإنساني في تطبيقه، من خلال منح فترات انتقالية وتقديم بدائل تضمن عدم المساس بمصالح الأسر محدودة الدخل.
مساعدات إنسانية إلى غزة.. مصر في صدارة الضمير الإنساني
لم تغب القضية الفلسطينية عن أولويات الدولة المصرية، حيث واصلت مصر تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في إطار التزامها التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني.
وشهدت الأيام الأخيرة عبور عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمستلزمات الطبية من معبر رفح، في رسالة تضامن واضحة، تعكس أن مصر لم تتخلَ عن مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه الأشقاء في غزة.
كما تنسق مصر مع المنظمات الدولية لتيسير وصول الإغاثة إلى مستحقيها، وتعمل جاهدة على توفير ممرات آمنة، رغم التحديات الأمنية التي تفرضها التطورات الميدانية في القطاع.
إن تزامن هذه القضايا الكبرى في وقت واحد لا يعد صدفة، بل هو انعكاس لسياسة دولة تتحرك بخطى واثقة في عدة اتجاهات في آن واحد. فبينما تعمل على تعزيز المشاركة السياسية من خلال انتخابات الشيوخ، لا تغفل عن ضبط أداء الفضاء الإلكتروني، وتحقيق التوازن القانوني في الإيجارات، وفي الوقت نفسه تمد يد العون لأهل غزة، تؤكد مصر أنها دولة مؤسسات لا تترك ملفًا دون معالجة.
ووسط هذا الحراك النشط، تظل مشاركة المواطنين هي حجر الأساس في ترسيخ كل تقدم. فهم الشركاء الحقيقيون في حماية المكتسبات، والدعامة الأولى لبناء الجمهورية الجديدة، القائمة على القيم، والانتماء، والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل، في ظل وحدة وطنية متماسكة تسعى إلى إعلاء المصلحة العامة فوق أي اعتبار، وتضع نصب أعينها رفاهية المواطن وصون كرامته، من خلال دعم الاستقرار السياسي، وترسيخ دعائم التنمية الشاملة، والاهتمام بالفئات المهمشة، وتعزيز أدوار الشباب والمرأة في البناء المجتمعي.
