الصحافة والإعلام في كتاب الملك العلام BDF
دكتور. طارق عتريس أبو حطب
عضو هيئة التدريس بالأزهر الشريف
القرآن الكريم كتاب الملك العلام،تناول صنعة الصحافة والإعلام، وقد حوى من الأسرار ما لا يحتوى فوضع لهما أصولا راسخات في ميادين التوثيق، نقل الأخبار، وتحري الصدق والأمانة، كما ورد السياق القرآني واضحا (ياأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) ويأتي الإعلام بمفهومه القرآني ممثلاأمانة عظمى يتعين حفظها بالقيم الإسلامية الصدق، الأمانة، الرحمة، والعدل فالإعلام الصحيح يبني مجتمعات واعية قوية تقوم على أساس من القيم والسلوكيات الراشدة،وقد ذكر القرآن كلمة "صحف" في سياقات متعددة، تشير إلى الكتب السماوية تارة،وإلى والصحائف التي توثق الأحداث والوعود في الدنيا والآخرة، وتأتي كلمة "الصحف" في القرآن الكريم بمعانٍ متعددة كالكتب السماوية "القرآن والتوراة والإنجيل"، ومن ناحية أخرى صحف الأعمال التي توثق أعمال الإنسان يوم القيامة كما في قوله تعالى:
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ)، وهذا يشير إلى أهمية التوثيق الإعلامي في نقل الحقيقة بأمانة، كما يشير القرآن إلى ضرورة تقديم "بينات" أو أدلة واضحة لكل خبر أو دعوى أو بينة، قال تعالى
(وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) مما يدل على أهمية عرض الأدلة والبراهين عند نقل الأخبار والرسائل،تجنبا لنشر الشائعات،وإشاعة الفوضى فمن مبادئ الإعلام في القرآن الحثّ على تحري الأمانة والصدق، كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) فهذه الآية تحث على تحري الحقيقة، وهو من أهم مبادئ الصحافة الصادقة كما يعرض القرآن العديد من الأمثلة القرآنية على أهمية الإعلام الصادق و يتضح ذلك بمثل قوله تعالى (ولا تكتموا الشهادة)، مما يؤكد وجوب إعلان الحقيقة وعدم إخفائها،وأيضا يوجه الإعلام ليكون لسانا وسلوكا مؤثراً ليس فقط ناقلاً للأخبار كما في قوله تعالى(وقولوا للناس حسنا) وقوله (رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً) كما دعا القرآن إلى تقوية الضوابط الأخلاقية،وجعلها ميزانا من أهم محاور الإعلام في القرآن، والسنة فكلمة النبي عليه الصلاة والسلام: [يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار...كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه] لتؤكد ضرورة أن يكون الإعلام متمسكًا بالصدق والأخلاق، لا يقتصر على الوعظ فقط بل يتوجب أن يتخلق بها الإعلامي أو الصحفي، فالإعلام مسؤل عن سلامة المجتمع، وأمنه ، وأخلاقة، وتأسيسا على ما أسلفنا يمكننا أن نقول إن الإعلام والصحافة في القرآن الكريم يستمدان أصولهما من نصوص واضحة، تحمل في جوهرها دعوات لتحري الصدق،و توثيق الأخبار، تقديم الأدلة، والالتزام بالأخلاقيات، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الإعلام رسالة ساكية نبيلة، وقوة بناءة لخدمة الأفراد والمجتمعات حين ينهض بها أولئك المهنيون، الراسخون الذين يمكنهم حمل أمانات الكلمة، والتبليغ في زمن قل فيه من يتبينون، وغاب فيه من يتثبتون، وتعملق المدعون.