اللواء الغباري يكشف أسرار خطة الخداع الاستراتيجي في ندوة بمركز العرب للأبحاث والدراسات
كتبت - هدى العيسوي
نظم مركز العرب للأبحاث والدراسات ندوة فكرية بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، استعرض خلالها اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق وأحد أبطال الحرب، تفاصيل دقيقة عن خطط الخداع التي استخدمتها القوات المسلحة المصرية خلال معركة الكرامة في أكتوبر 1973.
شارك في الندوة عدد من الرموز الفكرية والعسكرية، من بينهم الكاتب الصحفي الكبير مجدي طنطاوي، المدير العام لمؤسسة رسالة السلام العالمية، والدكتورة نسرين مصطفى، زميلة كلية الدفاع الوطني ورئيس القسم العسكري بمجلة أكتوبر، إلى جانب مجموعة من الباحثين والخبراء.
وفي مستهل اللقاء، أوضح الكاتب الصحفي محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب، أن المركز منذ انطلاقه في نهاية عام 2021 يحمل شعار "فكر – ثقافة – تنوير"، ويسعى لتحقيق التوعية وتصحيح المفاهيم. وأشار إلى إطلاق مشروع "بالوعي تُبنى الأمم"، المستمد من فكر ورؤى المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي، الذي قدم للمكتبة العربية عشرات المؤلفات الفكرية.
وأكد الشريف أن المركز عضو فاعل في شبكة مراكز الفكر بجامعة الدول العربية، ويعتمد في نشاطه على منهجيات بحثية دقيقة وتحليل علمي رصين للمعلومات.
وخلال كلمته، كشف اللواء الغباري عن تفاصيل خطة الخداع الاستراتيجي التي سبقت الحرب، مؤكدًا أن الإعداد بدأ منذ حرب الاستنزاف، حيث أعادت مصر بناء قواتها المسلحة بطريقة علمية ومنهجية، ونفذت عمليات نوعية ناجحة أبرزها معركة بور فؤاد التي شهدت تدمير 10 دبابات إسرائيلية على يد ثمانية من أبطال الصاعقة.
وأشار إلى أن الخداع في حرب أكتوبر كان شاملاً ومتكاملًا، حيث شاركت فيه أجهزة الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية، وتمكنت مصر من نقل معداتها وأفرادها إلى الجبهة دون أن ترصدها الاستخبارات الإسرائيلية، رغم امتلاكها أحدث وسائل الاستطلاع. وأوضح أن القوات المصرية استخدمت وسائل مبتكرة، مثل إنشاء "ماكيتات دبابات" وحشد تدريجي للقوات، ما أربك حسابات العدو وأخفى الاستعداد الحقيقي للحرب.
وأضاف أن القيادة المصرية تبنت أسلوب الخداع السياسي بتصدير رسائل متناقضة للعالم، تضمنت قرارات ظاهرها السلم مثل إنهاء مهمة الخبراء السوفييت في يوليو 1972، بينما كانت الاستعدادات العسكرية تسير بخطى متسارعة. كما شمل الخداع إدارة الجبهة الداخلية بحكمة، من خلال إجراءات تمويهية كتفريغ المستشفيات بحجة انتشار أمراض وهمية، واستيراد كميات كبيرة من القمح لتبرير حالة التعبئة دون إثارة القلق العام.
وأكد اللواء الغباري أن حرب أكتوبر كانت حربًا علمية دقيقة في كل تفاصيلها، اعتمدت على التخطيط المحكم والتدريب الواقعي للمقاتل المصري، مما جعلها واحدة من أعظم المعارك العسكرية في التاريخ الحديث.
من جانبه، قال الكاتب والإعلامي مجدي طنطاوي إن نصر أكتوبر لم يكن معركة مصرية فحسب، بل كان ملحمة عربية شاركت فيها الإرادة والدماء والمواقف الشجاعة، مؤكداً أن التضامن العربي في تلك الأيام جسّد أسمى صور الوحدة والمصير المشترك، وأن روح أكتوبر ستظل منارة تهدي الأجيال في مواجهة التحديات الراهنة.
واستشهد طنطاوي بموقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، الذي بادر بقطع النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل خلال الحرب، مؤكدًا ما رواه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، مدير ديوان الشيخ زايد آنذاك، بأن القرار لم يكن سياسيًا فقط بل نابعًا من إيمان عروبي صادق ووحدة مصير بين الشعوب العربية.
وشهدت الندوة حضورًا واسعًا من الباحثين وأعضاء مركز العرب، بينهم اللواء طبيب عصام عبد المحسن نائب رئيس المركز للشؤون الطبية، والأستاذ الدكتور محمد يحيى غيدة النائب الأول لرئيس المركز، والدكتورة راندة فخر الدين، والباحثون حنفي الفقي ومحمد الشرقاوي ومصطفى حافظ وشيماء إبراهيم وداليا فوزي وريهام عسران.
وفي ختام الفعالية، كرم مركز العرب اللواء محمد الغباري، والدكتورة نسرين مصطفى، والكاتب الصحفي مجدي طنطاوي تقديرًا لإسهاماتهم البارزة في نشر الوعي الوطني وتعزيز الفكر المستنير.


