العبور.. لحظة الكرامة التي لا تُنسى
بقلم: السيد أنور
في السادس من أكتوبر، من كل عام، لا يمر التاريخ كأي يوم عادي، بل يعود بنا إلى عام 1973، إلى تلك اللحظة الفارقة التي لن تغيب أبدًا عن ذاكرة الأمة العربية: لحظة عبور قواتنا الباسلة لقناة السويس.
ليست هذه الذكرى مجرد استعراض لانتصار عسكري، بل هي وقفة إجلال أمام رمز استعادة الكرامة والعزة التي كادت أن تُنسى تحت وطأة الهزيمة.
كانت الضفة الشرقية للقناة، بخط بارليف المنيع، تمثل جدارًا من اليأس، حاجزًا نفسيًا قبل أن يكون حصنًا عسكريًا.
لكن في ظهيرة السادس من أكتوبر، انكسر هذا الجمود بصيحة "الله أكبر" التي دوّت معلنةً بدء عملية "بدر" أو "تحرير سيناء".
لقد كانت خطة العبور مزيجًا من الإتقان العسكري والإرادة الوطنية التي لا تقهر.
أزالت خراطيم المياه ساتر ترابي ضخم كان يُعد مستحيلاً، وتدفقت قوارب الجنود لتحول مجرى القناة من فاصل مائي إلى جسر للانتصار.
لم يكن النصر الذي تحقق سهلاً أو وليد الصدفة.
لقد جاء ثمرة لسنوات من الصبر والتخطيط الدقيق، ولتدريب شاق وجهد متواصل بُذل في سرية تامة.
إنه يجسد الروح المصرية والعربية الأصيلة التي ترفض الخضوع وتصر على استرداد الحقوق مهما بلغت التضحيات.
لقد استعادت الأمة بفضل هذا العبور ثقتها بنفسها، وأثبتت أن القوة ليست حكرًا على أحد، وأن الإيمان بالقضية هو السلاح الأقوى.
تحية لمن صنعوا المجد
إن واجبنا اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الخالدة، هو أن نُقدم أصدق تحية وإجلال لكل من ضحى لأجل الوطن.
تحية للشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم تراب سيناء الطاهر، وتحية للمصابين الذين حملوا أوسمة الشرف على أجسادهم، وتحية للجندي المجهول الذي أدى واجبه بصمت وإخلاص.
هؤلاء الأبطال لم يحاربوا من أجل هدف شخصي، بل حاربوا من أجل أن تبقى راية الوطن مرفوعة، وحريته مصانة، وكرامته محفوظة.
إن نصر أكتوبر ليس ذكرى للاحتفال فحسب، بل هو درس متجدد في الوطنية، والصمود، والإصرار على تحقيق المستحيل.
إنه يذكرنا دائمًا بأن وحدة الصف هي القوة الحقيقية التي لا تُغلب، وأن الدفاع عن الأرض والعرض هو واجب مقدس يتجاوز كل خلاف.
فلتحيا ذكرى النصر، ولتحيا تضحيات الأبطال، ولتبقى مصر والأمة العربية في أمن وأمان وعزة.
عاشت مصر.. والمجد لشهدائنا الأبرار.
