عمر خيرت يأسر القلوب في مهرجان الموسيقى العربية بثلاث وثلاثين لحنًا من عبق الإبداع
كتب - أحمد طارق
في ليلة من ليالي السحر الفني، امتزجت فيها الألحان بعبق التاريخ وروح الجمال، شهد مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية أمسية موسيقية استثنائية أحياها الموسيقار الكبير عمر خيرت ضمن فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، التي تُقام هذا العام تحت اسم كوكب الشرق أم كلثوم احتفاءً بمرور نصف قرن على رحيلها.
نُظمت الأمسية تحت رعاية وزارة الثقافة برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، وأدارها المايسترو تامر غنيم بمشاركة نائبه الدكتور محمد الموجي، وبإشراف المستشارة أماني السعيد، وشهدت حضورًا جماهيريًا غفيرًا من عشاق الموسيقى الراقية الذين امتلأت بهم مقاعد الأوبرا بحثًا عن لحظة تناغم بين النغم والروح.
اعتلى الموسيقار عمر خيرت المسرح مصحوبًا بأوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو ناير ناجي، ليبدأ رحلة فنية حملت الحضور إلى عوالم من الدهشة والحنين. على مفاتيح البيانو، بين الأبيض والأسود، عزف خيرت مقطوعاته التي جسدت ملامح مصر في شجنها وقوتها وحضارتها، فكانت النغمات تتسلل إلى القلوب كهمس العطور، وتفيض بالحياة كما لو أنها حكايات تُروى بلغة لا تحتاج إلى كلمات.
تنوع البرنامج بين معزوفات أصبحت جزءًا من الذاكرة الوجدانية للمصريين، فقدم افتتاحية مصرية، خلي بالك من عقلك، هى دى الحياة، حبيبة، فى هويد الليل، العاصفة، ليلة القبض على فاطمة، مسألة مبدأ 2، تيمة حب، زى الهوى، الداعية، إعدام ميت، مصر يا أطهر قلب، الممر، تيمور وشفيقة، خايف من بكرة ليه، الخواجة عبد القادر، عم صابر، عفوًا أيها القانون، جيران الهنا، عارفة، مافيا، البخيل وأنا، إنت المصري، قضية عم أحمد، وفيها حاجة حلوة.
وخلال الأمسية، لم يكن الجمهور مجرد مستمع، بل كان شريكًا في رحلة موسيقية تسكن الذاكرة وتوقظ المشاعر. فقد تمايلت الرؤوس وانهمرت التصفيقات بين كل معزوفة وأخرى، في تفاعل حيّ يؤكد أن موسيقى عمر خيرت أصبحت لغة وطنية توحد الإحساس وتستدعي روح الجمال في زمن يفتقده كثيرون.
وبانتهاء الحفل، بدا واضحًا أن عمر خيرت لم يقدم مجرد أمسية فنية، بل صنع سيمفونية وجدانية نادرة، جمعت بين وهج الإبداع وصفاء الإحساس ورقي الأداء، مؤكدة أن الموسيقى الجادة ما زالت قادرة على أن تكون رسالة وطنية وثقافية راقية تعبّر عن وجدان أمة تؤمن بالجمال والإبداع والسمو.



